الطب البديلسلايد 1منتجعات علاجية

الرد على ما ينسب الى جمعية القلب الأمريكية وزيت جوز الهند

عاد المتعصبون من أعداء الزيوت المشبّعة مجددًا لتوجيه انتقاداتهم تجاه زيت جوز الهند بالإضافة لزيوت مشبّعة صحّية أخرى في محاولة منهم لترويج استعمال الزيوت النباتية متعددة اللاتشبّع وكذلك الأدوية المخفّضة للكولسترول، أو كما تُعرف اصطلاحا بعقاقير (ستاتين)، على أنها الحل الأمثل لمشكلة أمراض القلب.

في شهر يونيو 2017، نشرت صحيفة (سيركيوليشن) مقالا أعدته جمعية القلب الأمريكية (أي إتش أي) تحت عنوان “الزيوت الغذائية وأمراض القلب والأوعية الدموية”. جاء مضمون هذا المقال ليؤكد مجددًا موقف (أي إتش أي) الراسخ والرافض لاستهلاك الزيوت المشبّعة من جهة، وليحثّ المستهلكين من جهة ثانية على استبدالها بالزيوت متعددة اللاتشبّع التي وصفوا نجاعتها بالمكافئة لفعالية الأدوية المخفّضة للكولسترول في تقليص خطر الإصابة بأمراض القلب.

لم يكن هذا المقال نتيجةً خلُصت إليها دراسة جديدة أو شيئا من هذا القبيل، بل مجرّد إعادة تأكيد لموقف (أي إتش أي) المستند على عدد من الدراسات التي انتقتها الجمعية بما يعزز موقفها. لم يتردد المقال في شيطنة كافة الزيوت المشبّعة ووصفها بالغذاء السيء لأنها، حسب رأي كاتب المقال، تتسبب في رفع مستوى كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (أل دي أل) –الذي يُعرف أيضًا بالكولسترول الضار؛ وهو ما يعمل في المقابل على رفع خطر الإصابة بأمراض القلب. أتت نصف صفحةٍ فقط من بين 24 صفحة من هذا المقال على ذكر زيت جوز الهند على وجه التحديد، مع بعض النقاشات التي شملت دهون منتجات الألبان، الدهون التقابلية ومجموعة من الدهون الأخرى. لم يتطرّق المقال لزيت جوز الهند تحديدًا، بل تطرّق في مجمله للزيوت المشبّعة. ورغم هذا، لم يتردد فريق التحرير العامل بجريدة (يو أس أي توداي) في النظر إليه كطريقة لقلب موازين الخلاف وذلك عبر شنّ هجوم خاطف على الصورة الناصعة لزيت جوز الهند وتوظيف عنوانٍ لافت للانتباه كهذا، “زيت جوز الهند ليس غذاءً صحيًا، ولم يكن كذلك أبدا“.

حقق زيت جوز الهند نجاحًا وانتشاراً كبيريْن وسط فئة المستهلكين كأحد الزيوت الصحية الفاخرة. وقد كان قسم التحرير بجريدة (يو أس أي توداي) على دراية تامة بأن وصف (أي إتش أي) لزيت صحّي يحظى بشعبية وانتشار كبيريْن على أنه غذاء مضر بالصحة  سيستقطب كثيرا من الاهتمام وسيُحقق مبيعات هائلة لعددها. وقد أصابوا في ذلك!

إذ وبمجرد نشر المقال، انضمت بقية الجرائد والمجلات إلى الرّكب وأخذت تنشر تقاريرها الصادمة تحت عناوين مختلفة نذكر من بينها:

زيت جوز الهند مضر للصحة، مثله مثل الودك

زيت جوز الهند ليس صحيًا كما تظن

بعثت هذه المقالات جوًّا من الارتباك بين الناس. فقد اعتادوا طوال السنوات القليلة الماضية على رؤية العديد من الدراسات الحديثة والمقالات والكتب وهي تكيل المديح لزيت جوز الهند، كما أن شريحة واسعة من الناس، بمن فيهم الدكاترة وخبراء التغذية، ما انفكوا ينصحون به كأحد الزيوت الجيدة. أما الآن وعلى حين غرّة، أعلنت جمعية القلب الأمريكية نقلا عن وسائل الإعلام أنه غير مناسب البتة للاستهلاك الآدمي. ماذا يجري؟ وما هي الحقيقة يا ترى؟

هذه المقالات هي مثالٌ حي عن “الأخبار المفبركة” التي يحبكها محرّرو الأخبار بغية لفت الأنظار صوب مقالاتهم. هل كنت تعلم أن 50% من الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام حول الدراسات الطبية هي أخبارٌ لا أساس لها من الصحة؟ وأن هذه الأخبار لا تتطابق بشكلٍ دقيق مع محتوى أو استنتاجات مقالات الصحف الطبية التي تُبنى عليها؟ هذه الحقائق التي أتينا على ذكرها مأخوذة من مراجعة نُشرت في جريدة (نيو إنجلند) الطبية[http://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJM200006013422206#t=article]مُحرّرو الأخبار في يومنا هذا يهتمون أكثر بإثارة الرأي العام بدل الاهتمام بنقل الوقائع، وهو ما ينجرّ عنه نشرٌ للعديد من الأخبار المفبركة حول مجال الصحة والتي تعمل على تضليل الرأي العام. ينطبق هذا الكلام على الحملة الشرسة التي تُشنّ على زيت جوز الهند. فالمقال الذي نشرته جمعية القلب الأمريكية لم يسلّط الضوء تحديدا على زيت جوز الهند، بل كان عبارة عن بيانٍ يُؤكد خلاله هذا الكيان عن موقعه المناوئ للزيوت المشبّعة ككل.

لطالما التزمت جمعية القلب الأمريكية برأيها حول اعتبار الزيوت المشبّعة غذاءً غير صحي، ودورها في رفع مستويات الكولسترول وما ينتج عنه، حسب رأيهم، من مضاعفة مخاطر الإصابة بأمراض القلب. حيث تجزم بأن جميع الزيوت المشبّعة تتسبب في رفع مستويات الكولسترول الكلي وكولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (أل دي أل)، ما يؤدي إلى رفع خطر الإصابة بأمراض القلب. ولكن ما أخفقوا بشكلٍ واضح في ذكره هو أن الكولسترول الكلي ليس مؤشرا دقيقا للإصابة بأمراض القلب. كما أنهم لم يذكروا أيضا أن الزيوت المشبّعة، بما فيها زيت جوز الهند، تعمل على رفع مستويات كولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (إتش دي أل) – وهو الكولسترول الحميد الذي يقلّص احتمالات الإصابة بأمراض القلب.

حقيقةٌ أخرى أرادو تحجيم قيمتها تتمثل في وجود نوعيْن مختلفيْن لكولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (أل دي أل): النوع الأول الذي هو صغير وكثيف، والآخر كبير الحجم وعائم. كولسترول (أل دي أل) الكبير والعائم يُمثّل شكلا آخر للكولسترول الحميد. إنه نوع الكولسترول الذي يُستعمل في تشكيل المِرّة، الهرمونات وفيتامين دي؛ كما أنه مهم ليس فقط لتحسين الصحة فحسب، بل وتحسين حياة الفرد ككل. أما كولسترول (أل دي أل) الصغير والكثيف، فهو نوع الكولسترول الآيل للتأكسد، علمًا أن جميع الدهون المؤكسدة غير صحية وقد ترفع خطر الإصابة بأمراض القلب. يعمل زيت جوز الهند على رفع مستويات كولسترول (إتش دي أل)، كولسترول (أل دي أل) الكبير والعائم، فيما يعمل على تقليص مستوى كولسترول (أل دي أل) الصغير والكثيف. يتلخّص التأثير الشامل لزيت جوز الهند في خفض تناسب الكولسترول ما يؤدي بدوره إلى تقليص خطر الإصابة بأمراض القلب. يُعتمد معدل الكولسترول في الدم كمؤشر أدق بكثير لتشخيص خطر الإصابة بأمراض القلب مقارنةً بمعدل الكولسترول الكلّي. بإمكان زيت جوز الهند رفع مستويات الكولسترول الكلّي لدى بعض الناس، ولكن هذا التأثير يتحقق عبر رفع مستويات كولسترول (إتش دي أل) ونظيره (أل دي أل) الحميديْن، وليس كولسترول (أل دي أل) الضار.

الجليسريدات الثلاثية الموجودة في الدم هي عامل خطر آخر مستقل لأمراض القلب. فهي تبدو في الواقع ذات تأثير أكبر على مخاطر الإصابة بمرض القلب مقارنةً بالكولسترول. يساهم السكر والكربوهيدرات المكرّرة في رفع مستويات الجليسريدات الثلاثية ، فيما يعمل زيت جوز الهند على خفضها وهو ما يؤدي إلى تقليص خطر الإصابة بمرض القلب. هل أتى تقرير جمعية القلب الأمريكية على ذكر هذا؟ كلا، بل يبدو أن من أعدّوا هذا التقرير قد أغفلوا ذكر أي شيء بخصوص هذه النقطة المهمة. يبدو أن مقال جمعية القلب الأمريكية قد أسقط “سهوا” العديد من المعلومات المهمة كمساهمة الزيوت متعددة اللاتشبع في رفع مستويات كولسترول (أل دي أل) الصغير والكثيف ورفع خطر الإصابة بداء السرطان، الاضطرابات العصبية (بما فيها التّنكس البقعي)، ومرض المناعة الذاتية. أو أن يتطرق لدور زيت جوز الهند في منع الإصابة بهذه الأمراض الصحية أو مكافحته لها.

أخفق التقرير أيضًا في ذكر امتلاك الأهالي في بعض المجتمعات التي تعتمد زيت جوز الهند كمصدر أساسي للدهون لأدنى معدلات الإصابة بمرض القلب على مستوى العالم. كما لم يأتي أيضًا على ذكر عدة حقائق مهمة نذكر من أبرزها الجهات التي تقف وراء تمويل كاتبي المقالات. قمتُ شخصيا بمراجعة المقال الأصلي ولم أعثر على أي بيان يكشف عن الجهة التمويلية التي عادةً ما يتم إدراجها ضمن المقالات العلمية. وهذا ما يُثبت بشكلٍ صريح وجود روابط مالية تجمع كتّاب هذه المقالات بقطاع تصنيع الزيوت النباتية أو الأدوية. وفعلا، ناقشت (باربرا روبرتس)، دكتورة أمراض القلب، الرابط المالي وكاتبي المقالات في مقالها هنا:[http://www.thedailybeast.com/the-heart-associations-junk-science-diet] من غير اللائق أن يُسمح لجمعية القلب الأمريكية أن تجني أرباحا لقاء ما تسديه من نصائح غذائية، ولكن يبدو أنها متورطةٌ في هذا فعلا. وهو ما يجعل من نصائحها تلك محل ريبة وشك.

تفضلوا بإلقاء نظرة على هذا المقال الذي تطرّق للروابط المالية التي تجمع جمعية القلب الأمريكية بقطاع صناعة الأدوية:[http://www.cardiobrief.org/2017/03/24/controversial-pharma-ceo-to-chair-aha-charity-ball/] إنه مجرّد مثالٍ واحد عن صراع المصالح الذي يتخلل عمل جمعية القلب الأمريكية. فلا عجب إذًا في الموقف المعارض وبشدة الذي تتخذه هذه المؤسسة حيال زيت جوز الهند وبقية الزيوت المشبعة المفيدة صحيا.

لستُ وحدي من يقول بأن جمعية القلب الأمريكية تسير في الاتجاه الخاطئ حيال هذا الموضوع. فالروابط الآتي ذكرها هنا ستقودكم إلى مقالات مختلفة كتبها خبراء آخرون كانوا قد خلصوا إلى استنتاجات مهمة حول زيت جوز الهند وأمراض القلب.

(د. أنثوني بيرسون)، دكتور أمراض القلب في مستشفى سانت ليوك الواقع بمدينة سانت لويس، فنجد بشكلٍ رائع ما أوردته جمعية القلب الأمريكية في مقالها. [https://theskepticalcardiologist.com/

مؤلف الكتاب الشهير “تناول الدهون لتصبح نحيلا”، (مارك هايمان) وهو دكتور في الطب، أدلى بدلوه هو الآخر في هذه المسألة.

[http://drhyman.com/blog/2016/04/06/is-coconut-oil-bad-for-your-cholesterol/]

(ديانا روجرز)، اختصاصية مسجلة في مجال النظم الغذائية، تشرح وجهة نظرها بخصوص هذا الموضوع في مقالها الذي كتبته تحت عنوان “لماذا لن يقتلك زيت جوز الهند، ولكن الاستماع لجمعية القلب الأمريكية قد يؤدي إلى مصرعك!”

[http://sustainabledish.com/coconut-oil-wont-kill-listening-american-heart-association-might/]

(ماري نيوبورت)، دكتورة في الطب، كانت قد استعملت زيت جوز الهند بنجاح في علاج زوجها الذي كان يعاني من الزهايمر، علقت بدورها على هذا الموضوع في منشورها التالي:

[https://www.facebook.com/CoconutOilandAlzheimers/posts/898200733651342]

(جاري توبيس)، وهو صحفي ومحقّق في مجالي العلم والصحة وهو كاتب مشهور أيضًا، يُقدم تحليله للمسألة بشيء من الإسهاب والتفصيل.

[http://garytaubes.com/vegetable-oils-francis-bacon-bing-crosby-and-the-american-heart-association/]

إغلاق