الصحة والجمالالطب النفسيالوقاية
ماذا تعرف عن شلل النوم؟
نشر موقع “أتلنتيكو” الفرنسي حوارا مع جويل أدريان، المختصة في العلوم العصبية ومديرة الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي، سلط فيه الضوء على ظاهرة “شلل النوم” الشائعة في صفوف مجتمعات عديدة.
وقال الموقع، في حواره الذي ترجمته “عربي21″، إنه بعد الاستيقاظ من النوم، عادة ما ينتابك شعور بالقلق. كما تشعر بشلل تام وبأنك غير قادر على التحكم في أعضائك، فضلا عن وجود كائن شرير ينظر إليك بطريقة مريبة أو بصدد كتم أنفاسك. وإذا مررت بكل هذه المراحل، فستكون حتما قد قابلت ما يسمى “برجل القبعة”. لكن، لا تجزع، تندرج هذه التجارب ضمن ظاهرة “شلل النوم”، التي يعيشها 40 بالمائة من الأشخاص.
وفي سؤال الموقع عن مدى خطورة حالة شلل النوم، الشائعة والمخيفة بالنسبة لعدد كبير من الأشخاص، أفادت أدريان أن “هذه الظاهرة ليست خطيرة، فهي عبارة عن حالة يستيقظ فيها الشخص من النوم ولكنه يعجز عن الحركة، أي يشعر بالشلل. لكننا نواصل التنفس، الأمر الذي يعني أن أجسادنا لا تزال تتحرك، لكننا نفقد القدرة على القيام بحركات إرادية أو اختيارية، مما يجعل هذه الحالة مخيفة جدا”.
وأضافت المختصة في العلوم العصبية، أن “هذه الظاهرة تُغذي أحيانا حالة من الهلوسة، حيث يعتقد الشخص أنه كان ضحية تعنيف من طرف آخر أو أن شخصا ما موجود معه في الغرفة. ويزيد ذلك من شعوره بالقلق، سواء بسبب خشيته من البقاء مشلولا طيلة حياته أو الهلوسة”.
أما فيما يتعلق بوضعية الشخص الذي يعيش هذه التجربة (هل كان نائما أم مستيقظا)، فقد أوضحت المختصة أن “الدماغ يكون مستيقظا لكن الجسم يكون في حالة نوم، ذلك أنه لم يتخط بعد ما يُطلق عليه اسم “النوم المتناقض” التي تتسم فيها العضلات بالاسترخاء التام. ومن ثم، يتعلق الأمر بصحوة غير مكتملة. ويطرأ هذا الشلل في أحيان كثيرة قبيل الاستيقاظ من النوم مباشرة، إلا أنه نادرا ما يتزامن مع الخلود إلى النوم. وبعبارة أدق، تعتبر هذه الحالة نوعا من الانفصال بين الدماغ والجسم”.
وأردفت المختصة أن “النوم والاستيقاظ يتحكمان في عدد هائل من العمليات أو الحركات التي يقوم بها الجسم، والتي تحتاج إلى قدر من التنسيق. في بعض الأحيان، لا تتم عملية التنسيق بالشكل المطلوب، وقد يكون ذلك بسبب الإجهاد، وقلة النوم، وعدم انتظام وقت النوم، فضلا عن العديد من العوامل السلوكية. في حالات قليلة جدا، تنتج هذه الظاهرة عن مرض حقيقي يسمى النوم القهري النادر للغاية. وقد يصيب هذا المرض ثلاثة أفراد من جملة ألف شخص. وعادة ما لا تكون هذه الظاهرة خطيرة، حيث يتمثل السبب وراءها في نمط الحياة السيئ والإجهاد، مما جعل الدماغ يستيقظ قبل الجسد”.
وتساءل الموقع بشأن تأكيد أغلب المرضى الذين يعانون من هذا الشلل أنهم قد أحسوا بوجود كائن شرير بالقرب منهم في الغرفة يُشبه “رجل القبعة”. في هذا الصدد، أوردت المختصة أنه “في أثناء حالة “الشلل”، يستيقظ المرء من وضعية النوم المتناقض. وخلال هذا النوع من النوم، عادة ما تنتابنا نوبة من الهلوسة. وبناء على ذلك، يُعد من الطبيعي أن يكون تنفسنا غير منتظم أو متقطعا”.
وأكدت جويل أدريان، أنه “في لحظة هذه الصحوة غير المكتملة، تتواصل الهلوسة والتنفس غير المنتظم. وعندما يستيقظ الدماغ، ندرك هذين الأمرين، لأن الجسم لا يزال في مرحلة الحلم، ويجعلنا ذلك نشعر بالقلق كما يدفعنا إلى التساؤل عما سيحدث بعد استيقاظنا بشكل كامل، الأمر الذي من شأنه مضاعفة القلق. لكن، إذا أدركنا أن هذه الحالة ليست خطيرة، وأننا كنا نعيش تجربة “شلل النوم” فحسب، فسيتلاشى إحساسنا بالانزعاج. وتختلف طبيعة الكائن الذي يتصور الشخص أنه رآه، حيث يفيد بعض الأشخاص أنهم شاهدوا ما يُسمى برجل القبعة، أو أي شكل من أشكال الظلال الخيالية أو الوهمية الأخرى”.
وفيما يتعلق بإحساس العديد من الأشخاص الذين عاشوا هذه التجربة بأن “هذا الكائن الشرير”، يضغط على صدورهم ويمنعهم من التنفس، فسرت هذه المختصة أنه “في أثناء النوم المتناقض، يشغل الجسم ما يسمى بالنظام العصبي الذاتي، الذي يقوم بتنظيم التنفس ومعدل ضربات القلب والتعرق، والكثير من الظواهر التي لا نستطيع التحكم فيها بطريقة إرادية. مع ذلك، خلال هذه المرحلة، يختل نشاط هذا النظام؛ لذلك لا نستطيع استيعاب هذا الأمر ونحن نائمون. ولكن بعد استيقاظنا، نتمكن من إدراك ما حدث معنا”.
وفي الختام، أشارت المختصة إلى أن ظاهرة شلل النوم قد أدت إلى ظهور العديد من التفسيرات التقليدية أو الفلسفية أو الصوفية. وتشمل هذه التفسيرات جانبا غامضا وممتعا. بالإضافة إلى ذلك، دفعت هذه الحالة إلى ظهور قصص حول “الشياطين” أو كائنات أخرى.