أمراضسلايد 1منتجعات علاجية
التسمم المعدني
التسمم المعدني (metal toxicity) – يمكن تقسيم المعادن الموجودة في الطبيعة إلى ثلاث مجموعات، من المنظور الصحي:
1) المعادن الضرورية الحيوية للجسم، والتي يؤدي نقصها إلى ضرر في وظائف الجسم المختلفة. هذه المجموعة تشمل: الحديد (Iron) – الضروري لعمل بروتينات مختلفة في الجسم ومن بينها الهيموغلوبين (hemoglobin) والميوغلوبين (meoglobin) – الزنك (Zinc)، النحاس (Copper) الكوبالت (Cobalt) وغيرها. هذه المعادن تشكل جزءا لا يتجزأ من تكوين البروتينات وبنيتها، وبالتالي فهي ضرورية جدا.
2) المعادن غير الضرورية وغير المطلوبة للجسم بشكل طبيعي وغير متواجدة فيه بشكل طبيعي، لكنها مستخدمة كجزء من أدوية وعلاجات أخرى مما يجعل هذه المعادن ذات قيمة حيوية (بيولوجية). هذه المجموعة تشمل: الليثيوم (Lithium)، والذهب والفضة وغيرها.
3) معادن غير موجودة في الجسم ولم تثبت فاعليتها، مثل الرصاص (Lead) والكادميوم (Cadmium) وغيرها.
يمكن أن يحدث التسمم على خلفية وجود فائض من أي من مجموعات المعادن هذه، حتى وإن كانت مجموعة المعادن الضرورية لعمل الجسم السليم. من بين التسممات المعدنية، يشكل التسمم بالرصاص التسمم الأكثر انتشارا.
المعدن الذي يسبب التسمم يرتبط ببروتينات مختلفة ويضر بوظائفها الطبيعية. أجهزة الجسم التي يلحق بها أكبر الضرر من جراء حالات التسمم هي الجهاز العصبي (Systema nervosum) والجهاز الهضمي (Digestive System) والجهاز الدوراني (الدورة الدموية – Circulatory System).
أعراض التسمم المعدني
اعراض التسمم المعدني
يمكن تقسيم التسمم إلى نوعين، وفقا لنوعية الأعراض التي تظهر من جرائها:
- تسمم حاد نتيجة التعرض إلى كمية كبيرة من المعادن في غضون فترة زمنية قصيرة.
- تسمم مزمن يحدث بشكل بطيء نتيجة التعرض لتلوث بيئي.
أعراض التسمم الحاد تؤدي، في غالبية المعادن، إلى:
- الغثيان.
- القيء المتكرر.
- الإسهال المتكرر.
- أوجاع في البطن.
في كثير من الحالات، يحدث على خلفية التسمم ونتيجة له جفاف يشمل جميع الأعراض التي تصاحبه، مثل: الضعف، الشحوب، الارتباك، فقدان الوعي وغيرها. الأجهزة التي تتضرر من جراء التسمم الحاد، بشكل عام، هي جهاز الأعصاب المركزي (Systema nervosum central) وجهاز الأعصاب المحيطي (Systema nervosum periphericum)، جهاز القلب والأوعية الدموية (الجهاز القلبي الوعائي – Cardiovascular System) والفشل الكلوي الحاد (AcuteRenal failure).
أما التسمم المزمن فيتكون ويتطور وفق آلية مختلفة وهو يتجلى، بشكل عام، في الأعراض التالية:
- فقر الدم (Anemia)، الذي يسبب الضعف، التعب وصعوبة في بذل الجهد وصعوبة في التركيز.
- ظهور بقع نقص التصبغ (Hypopigmentation) (باللون الأبيض) على عرض أظافر اليدين.
- تدهور تدريجي في الأداء الذهني/الإدراكي يصاحبه هبوط في الذاكرة وفي القدرة على التركيز.
عندما يظهر مزيج من علامات التسمم في الجهاز الهضمي وفي الجهاز العصبي، بالإضافة إلى فقر الدم، فينبغي الاشتباه بأن هذا التسمم هو تسمم مزمن.
أسباب وعوامل خطر التسمم المعدني
عند حدوث التسمم بالمعادن يطرأ ارتفاع في تركيز المعدن في أحد أنسجة الجسم. على مستوى الخلايا, ترتبط المعادن مع بروتينات من داخل أو خارج الخلية وتؤدي إلى تغير المبنى الطبيعي والسليم للبروتين، مما يؤدي إلى المس بأدائه الوظيفي.
في الحالة الطبيعية، يقوم الجسم بحماية نفسه من تسمم المعادن عن طريق بناء بروتينات خاصة تقوم بالارتباط مع هذه المعادن ومنع تأثيراتها السلبية على البروتينات الأخرى. ولكن عندما يحدث التسمم، تعجز هذه البروتينات الحامية عن الارتباط بهذه الكمية الكبيرة جدا من المعدن السام، مما يلحق الضرر بالأداء الوظيفي السليم لعدد كبير من البروتينات.
التسمم المعدني المزمن الذي يتطور بشكل تدريجي شائع جدا في العديد من مصانع التكرير والاستعادة وفي الصناعات المعدنية. في الماضي، كان الرصاص يستخدم في طلاءات البيوت وفي المواد التجميلية، لذا فقد كان التسمم بالرصاص شائعا جدا بين سكان البيوت القديمة، وخاصة بين العجزة والأطفال الذين كانوا يسكنون في تلك البيوت.
التسمم الحاد ينتج عن تناول (ابتلاع) المعادن بشكل مباشر، مثل تناول كمية كبيرة من أقراص الحديد دفعة واحدة، أو من جراء البلع غير المباشر للبطاريات, للتراب أو لمنتجات مختلفة.
تشخيص التسمم المعدني
على الرغم من أن الحديث يدور عن حالة تهدد حياة المريض، إلا أن التسمم المعدني المزمن ليس شائعا، ولذلك فإن الخطوة الأكثر تعقيدا في عملية التشخيص هي مرحلة الاشتباه الأولي بوجود هذه الحالة.
بعد الاشتباه، يجب إجراء فحوصات: العد الدموي الشامل (Complete blood count)، اختبارات وظائف الكبد واختبارات وظائف الكليتين. إذا كان ثمة اشتباه بأن هنالك تسمما بمعادن معينة محددة بذاتها، فيتوجب الامتناع عن تناول المأكولات البحرية الغنية بالمعادن المختلفة طيلة الأسبوعين اللذين يسبقان موعد الفحوص.
علاج التسمم المعدني
يشمل علاج التسمم المعدني، أولا وقبل أي شيء آخر، إبعاد العامل الذي سبّب التسمم.
عندما يُلاحَظ وجود معادن في داخل المعدة (أقراص من الحديد, لعب الأطفال, قطع نقدية) وبغية منع استمرار امتصاص المعادن في الدورة الدموية، يجب غسل الجهاز الهضمي، بمساعدة سائل مُسْهِل (Purgative) يقلل من امتصاص المعدن في الجهاز الهضمي.
هنالك نوع من العلاج يصلح بالنسبة لبعض المعادن. ويتمثل هذا العلاج في ربط المعدن الموجود في الدورة الدموية مما يؤدي إلى إخلاء المعدن بسرعة من الجسم. هذا العلاج يسمى الخـَلـْب / التمخلـُب (Chelation)، لكنه غير فعال في التخفيف من الأعراض دائما.
العلاج الأكثر ضرورية وحيوية هو العلاج الداعم الذي يشمل: دعم (مساعدة) الجهاز التنفسي، إعطاء السوائل، معالجة اضطرابات نظم القلب (Arrhythmia)، لدى ظهورها، والمتابعة.
في الحالات التي يتم فيها تناول المعادن على شكل أقراص، أو بأي شكل آخر، هنالك حاجة إلى إجراء تقييم من قبل طبيب نفسي (Psychiatrist) من أجل نفي احتمال حدوث ذلك كمحاولة للانتحار أو على خلفية مرض نفسي آخر (Psychopathy). وفي كل الأحوال، يفضل إبقاء المريض تحت المراقبة الوثيقة خلال الساعات الأولى بعد إجراء الجراحة.