أخبار

«الحمية النباتية»… جدل لا ينتهي انقسام طبي حول صلاحيتها للأطفال والمراهقين

حتى وقت قريب كان هناك شبه إجماع من العلماء على عدم صلاحية النظام النباتي للأطفال والمراهقين، سواء العادي «vegetarian» أو النباتي الكامل (فيغن) «vegan»، لافتقارهما إلى كثير من المواد الغذائية التي يندر وجودها في هذه النوعية من الأطعمة، مثل فيتامين «بي 12» والزنك والكالسيوم. ولكن منذ نحو عقد كامل تغير موقف العلماء من هذا النظام.

حدث انقسام وجدل طبي بين مؤيدين لهذا النظام بعد ظهور كثير من الدراسات التي تعدد فوائده، ومعارضين له لأخطاره الطبية. والحقيقة أن الجدل لا يزال غير محسوم حتى الآن.

النظام النباتي مناسب للأطفال

ومع ظهور أحدث دراسة مؤيدة لهذا النوع من الحمية الغذائية، نُشرت في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في مجلة «التغذية» (Nutrients) تجدد الجدل مجدداً بين العلماء.

وأشارت الدراسة إلى احتمال أن يكون النظام النباتي مناسباً للأطفال الصغار، مع إضافة المواد التي يفتقر إليها بجانب بعض الفيتامينات، مثل فيتامين «دي» وبعض المكملات الأخرى، بناءً على كثير من التجارب العلمية في بلدان مختلفة ومقالات علمية موثقة.

يرى العلماء المؤيدون للنظام النباتي عدم وجود فرق بين صحة الأطفال النباتيين والذين يتبعون نظاماً عادياً. وعلى سبيل المثال سمحت الأكاديمية الأميركية للنظم الغذائية والمكملات (American Academy of Nutrition and Dietetics) في توصياتها عام 2016 باستخدام النظام النباتي في الأطفال، على أن يكون مصمماً خصيصاً لهم، بمعنى مراعاة احتياج السعرات المناسبة لنمو الطفل، وتنوع العناصر الغذائية، وإضافة فيتامين «بي 12» إلى الوجبات.

نقص اليود

هناك دراسة أُجريت في التشيك على أطفال ومراهقين تحت عمر 18 عاماً، تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: الأولى الذين يتبعون النظام النباتي العادي (VG) والثانية الذين يتبعون النظام الكامل «فيغن» (VN). في هذا النظام لا يتناول الأطفال أي منتج حيواني على الإطلاق (حتى البيض واللبن)، والمجموعة الثالثة الذين يتبعون النظام العادي الذي يشمل اللحوم والمنتجات الحيوانية (OM).

تمت متابعة هؤلاء الأطفال من ناحية النمو الشكلي، والحالة الإكلينيكية، وعمل تحليل وعدّ كامل للدم (CBC) ومتابعة مستوى هرمونات الغدة الدرقية، وهي مؤشر مهم على النمو، وقياس اليود في البول، وهو عنصر ضروري لعمل الغدة الدرقية. وكذلك تم قياس المعادن والأملاح المختلفة لهم، وأظهرت النتائج عدم وجود اختلافات تذكر في مستويات هرمونات الغدة الدرقية في المجموعات الثلاث. ولكن كان هناك نقص في مستويات اليود للأطفال في المجموعات الثلاث. وكانت النسبة الأكبر من ذلك النقص في النظام النباتي الكامل ثم النظام النباتي العادي ثم النظام المعتاد الحيواني.

ولكن في دراسة أخرى تتبعت أكثر من 8 آلاف طفل لمدة عامين، وكان منهم 248 فقط نباتيين و25 فقط يتبعون النظام «فيغن»، رصد العلماء أثر اختلاف النظام الغذائي للأطفال على النمو، ومستويات الفيتامينات في الجسم، ونسبة الدهون في هؤلاء الأطفال الأصحاء. وتبين عدم وجود فرق، سواء على المستوى الظاهري في الشكل، من حيث الطول والوزن والنمو، أو على مستويات الدهون ونسب الحديد وفيتامين «دي» في الجسم، ولم يكن هناك أي شكاوى إكلينيكية من أي نوع.

نقص الفيتامينات والدهون والكالسيوم

وأوضحت دراسة فنلندية أن الأطفال الذين يتبعون النظام «فيغن» «VN» يحصلون على كميات أقل من فيتامين «بي 12» والدهون بشكل عام، وأيضاً على مستويات أقل من الكالسيوم، نظراً لخلو هذا النظام من الألبان ومشتقاتها. ولكن في المقابل يحصلون على كميات أكبر من حمض الفوليك والألياف والزنك والحديد، وهي عناصر مهمة للنمو. وبشكل عام يحصل الأطفال العاديون والنباتيون على النسبة نفسها تقريباً من فيتامين «دي» واليود. وكان مخزون الحديد في دم المجموعتين متماثلاً تقريباً.

الحدّ من ضغط الدم والكوليسترول

وفى ولاية أوهايو بالولايات المتحدة، في تجربة على عدد محدود من الأطفال (60 طفلاً) تتراوح سنيّهم بين 9 و18 عاماً وجميعهم يعانون من البدانة وارتفاع الكوليسترول، نجح النظام النباتي الكامل «فيغن» الخالي من الدهون الخاضع لتوصيات جمعية أمراض القلب الأميركية «AHA diet» في خفض مؤشر كتلة الجسم (BMI) وضغط الدم والكوليسترول والدهون منخفضة الكثافة (LDL) والإنسولين وأيضاً محيط الخصر.

هل النظام الحيواني الأفضل؟

في النهاية، ليست هناك إجابة حاسمة عن السؤال: «هل يصلح النظام النباتي للأطفال من عدمه؟»؛ لأن الحكم على أفضلية أي إجراء صحي يجب أن يكون بعد مرور وقت طويل، لتقييم الفوائد والمخاطر الطبية المترتبة على استخدامه.

ولكن حتى الآن، وإذا لم تكن هناك خطورة من اتباع النظام الحيواني الطبيعي -مثل خطورة الإصابة بالسكري من النوع الثاني- فإن من الأفضل اتباعه لدى الأطفال؛ خصوصاً قبل سن الثانيه عشرة.

إغلاق