المجموعات العقدية هي جراثيم (بكتيريا) دائرية الشَّكل. تتكاثر على شكل سلاسل أو أزواج, وتعتبر من النوع الايجابي حسب صبغة غرام (Gram stain). يشمل جنس العِقْديَّات أكثر من 30 نوعاً مختلفاً، إلا ان قسماً قليلا منها، فقط، يسبب الأمراض للإنسان.
لا يتيح التنوع الكبير في المجموعات العقدية، تصنيفها حسب طريقة واحدة، لذلك يتم تصنيفها وفق عدد من الميِّزات, من بينها شكل انْحِلاَلُ الدَّم (Hemolysis) الذي تسببها هذه البكتيريا عند زرعها مع أَغارٌ دَمَوِيّ (blood agar), الصفات البيوكيماوية, البِنْيَةٌ المُسْتَضِدِّيَّة والصفات الوراثية.
عند زراعة العقديات على قاعدة أغار (agar) تحتوي على خلايا دم حمراء, نحصل على ثلاث حالات نموذجية لتحلل الدم: مستعمرات بيتا β – إنحلالية (colony β – haemolytic)، والتي تتميز بكون البكتيريا تتسبب بتحلل خلايا الدم الحمراء حول كل واحدة منها، الأمر الذي يجعل القاعدة شبه شفافة. الحالة الثانية هي مستعمرات ألفا α – إنحلالية, التي يصبح فيها لون القاعدة اخضر، بسبب تحلل مادة البيليروبين (Bilirubin), واما الحالة الثالثة فهي مستعمرات الجراثيم التي لا تسبب تحلل الدم.
لقد تم تصنيف جراثيم بيتا β – الإنحلالية – (β – hemolytic) لمجموعات (Groups), قبل حوالي مئة سنة على يد الدكتورة ريبيكا لانسفيلد (Rebecca Lancefield), حسب المستضد (Antigen) المتواجد على جدار خلايا الجراثيم. وقد اطلق على هذه المجموعات اسم ” مجموعات الزُّمْرة المَصْلِيَّة ” (Sero – groups) لانه تتولد مضادات مقاومة لهذا المستضد. وتم في هذه المجموعات تصنيف ما يقارب 20 نوعا مختلفا من العقديات، من بينها خمسة تسبب الأمراض لدى الإنسان.
ألأمراض التي تسببها العقديات من مجموعة A معروفة منذ آلاف السنين . انها تسبب العدوى للبلعوم والجلد، وأحياناً تسبب مضاعفات بعد الإصابة بالعدوى: الحمى ألروماتزمية وإلتهاب غير جرثومي للكلية (Glumrolosnephritis). ويمكن للعدوى التي تصيب الجلد أن تكون قاسية تؤدي الى تدمير الأنسجة الرخوة. وبسبب هذه العدوى اطلق على عقديات المجموعة A اسم ” ألجرثومة المفترسة “.
عقديات المجموعة B هي جرثومة يشملها ما يعرف باسم النبيت المقيم (Resident flora) وموجودة في الجهاز التناسلي لدى %10-%20 من النساء. ليس هناك أهمية لوجود هذه الجرثومة حين لا تكون المرأة حاملاً، ولكن عند حدوث الحمل تشكل هذه الجرثومة خطراً على الاُم والجنين. إذ يمكن لهذه الجرثومة الإنتقال للجنين عبر قناة الولادة . وحسب المعطيات في الولايات المتحدة، فانها تسبب العدوى لكل ثلاث حالات من بين كل ألف حالة (3:1000).
يمكن لهذه الجرثومة أن تسبب التهاب غشاء الدماغ أو تجرثم الدم (Bacteremia) عند الوليد, وفي حالات نادرة تسبب تجرثم الدم لدى البالغين.
المضادات الموجودة في دم الوالدة ضد عِقْديَّات المجموعة B تحمي الطفل من العدوى. لذلك جرت في السنوات الأخيرة تجارب لإنتاج تطعيم ضد هذه الجرثومة, لكن لم يتم التصديق عليه بعد. ومن المتعارف عليه، حالياً، إجراء فحوصات للنساء قبل الولادة، للتأكد مما اذا كن تحملن جرثومة العقدية من المجموعة B, ومعالجة حاملات الجرثومة بالمضادات الحيوية أثناء الولادة.
تعتبر عقديَّات المجموعتين C و- G أكثر ندرة كمسببات للمرض عند الإنسان، من مجموعة العقديات A, لكنها جميعا متشابهة من حيث نوعية الأمراض التي تسببها. إذ بإمكانها التسبب بالتهاب البلعوم والجلد. وعلى الغالب فان التهاب البلعوم لا يؤدي لحدوث مضاعفات كالحمى الروماتيزمية التي تسببها المجموعة A. وأحياناً يمكن للعدوى التي تسببها المجموعتان C و- G للجلد, أن تكون صعبة كالعدوى التي تسببها المجموعة A.
تشمل العقديات من نوع ألفا α – الإنحلالية، مجموعة من الجراثيم المسماة ” العِقْدِيَّات المُخَضِّرَة ” (Viridans streptococci). وهي جراثيم تعيش بشكل طبيعي داخل تجويف الفم. يمكنها التسبب بالتهاب لصمامات القلب. وخلافا لجراثيم العقديات (staphylococcus) يمكن لهذه الجراثيم الالتصاق فقط بصمام لحق به الضرر، إذ يكون جريان الدم من حوله على شكل دوامة (حوّام).
يمكن للعِقْديَّات المُخَضِّرَة (Streptococcus viridans) اختراق مجرى الدم عبر تجويف الفم, بعد علاج الأسنان واللثة، وخاصة عندما يكون الوضع الصحي للأسنان واللثة غير جيد. وهكذا تصل الجرثومة الى الصمام المعطوب وتسبب التهاب الشغاف العَدْوائِيّ (Infective endocarditis). ويتميز هذا المرض بارتفاع حرارة المريض, الشعور بالوهن, فقدان الشهية اضافة الى تاثيرات على صمام القلب يسمعها الطبيب عند ألإصغاء بواسطة السماعة (Stethoscope).
التشخيص:
يمكن التأكد، بمساعدة الزرع المخبري للدم وتخطيط صدى القلب (Echocardiography). وإذا أصيب صمام القلب بعدوى، يجب معالجته بحقن المضادات الحيوية عبر الوريد لعدة أسابيع.
العِقْدِيَّة الرئوية (Streptococcus pneumonia) هي أحدى مسببات الأمراض الشائعة. وهي جرثومة تتواجد أحياناً في تجويف البلعوم دون أن تسبب المرض. وهي شائعة بشكل خاص في بلعوم الأطفال الصغار، لكنها تتواجد، أيضا، في تجويف الفم لدى البالغين. ويمكن لهذه الجرثومة التسبب بعدة أمراض صعبة من بينها التهاب الرئتين, التهاب غشاء الدماغ (السحايا) وتَجَرْثُم الدَّم (Bacteremia).
هذه الجرثومة هي احدى الجراثيم التي طورت في السنوات الأخيرة حصانة تجعلها مقاومة للمضادات الحيوية (البنسيلين). وأصبحت هذه الأنواع الحصينة شائعة في المستشفيات وبين الناس. هناك تطعيم متوفر ضد هذه الجرثومة, وينصح به للمصابين بالأمراض المزمنة والبالغين الذين تجاوزوا الستين من اعمارهم.
تنتمي لمجموعة العِقْدِيَّات أيضاً، عدة أنواع من الجراثيم اللاهوائية (Anaerobic). بعضها موجود في تجويف الفم.