أخبار
استهداف جين يمنح الأمل لعلاج أورام المخ لدى الأطفال

تمكن الأطباء في مستشفى «الأطفال المرضى» (SickKids) في تورونتو بكندا، من التوصل إلى طريقة جديدة يمكن أن تساعد في علاج الورم الخبيث الأكثر شيوعاً في المخ بالنسبة للأطفال، المسمى «الورم الأرومي النخاعي» (medulloblastoma) الذي يفتك بحياة آلاف من المصابين.
ونُشرت هذه الدراسة في مجلة «نمو الخلايا» (Developmental Cell) في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي.
وتعتمد الطريقة الجديدة على استهداف جين معين شديد الأهمية لنمو ونضج الخلايا العصبية المصابة بالورم؛ إذ عن طريق تثبيطه يمكن السيطرة على أورام الجهاز العصبي.
الخلايا المسببة للأورام تقاوم العلاج
أوضح العلماء أن المشكلة الأساسية في علاج أورام المخ -بشكل خاص- هي أن للخلايا المسببة لحدوث الأورام دوراً رئيسياً في تحفيز نمو الورم واستمرار وجوده. ونظراً لأن هذه الخلايا يمكنها البقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية جداً، فإنها في الأغلب تنجح في مقاومة العلاج المعتاد لهذه النوعية من الأورام، مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي، وهو الأمر الذي يؤدي إلى احتمالية نمو الورم مرة أخرى، ويتسبب في حدوث انتكاسة للمريض.
تثبيط جيني
وقال الباحثون إن استهداف تثبيط جين معين (KCNB2) يمنح أملاً كبيراً في التوصل لعلاج أفضل لسرطان المخ، وذلك لأن هذا الجين ينتمي لعائلة من الجينات تساهم في التحكم في قنوات البوتاسيوم في الخلية العصبية. وهذه القنوات تسمح بدخول وخروج البوتاسيوم، مما يساعد في الحفاظ على سلامة الخلية.
وفي حالة تثبيط هذا الجين على وجه التحديد يحدث تعطيل وغلق لقنوات البوتاسيوم في الخلايا، ما يؤدي إلى تورم خلايا الورم، نتيجة دخول الماء إليها، وبالتالي تدميرها دون التأثير على الخلايا السليمة المحيطة بها.
وقام الباحثون بعمل الأبحاث على نموذج للورم تم تصميمه في المختبر باستخدام الهندسة الوراثية؛ حيث اكتشفوا عدة جينات مرتبطة بنمو الورم عن طريق التحكم في قنوات البوتاسيوم الموجودة في الخلايا، والتي تلعب دوراً مهمّاً في الحفاظ على خلايا الورم، وتساعد في تكاثرها وانتشارها. وقال العلماء إن تثبيط الجين يؤدي بالضرورة إلى تثبيط القنوات، ومن ثم تثبيط النمو.
البوتاسيوم عنصر حيوي
من المعروف أن البوتاسيوم يُعد من أهم العناصر التي تدعم كثيراً من الوظائف الحيوية، بما في ذلك الحفاظ على مستويات السوائل الطبيعية داخل وخارج خلايا الجسم، بحيث تكون في وضعها الأمثل لعمل الخلية. وعلى سبيل المثال يشبه وجود السوائل في الخلايا بالوناً يحتوي على مقدار معين من الماء ضروري، حتى يكون البالون منتفخاً، وفي حالة زيادة كمية الماء الموجودة في البالون عن الحد الأقصى يحدث له انفجار. وهو الأمر نفسه الذي يحدث للخلايا البشرية في حالة دخول سوائل زائدة عن الاحتياج الطبيعي الذي يحفظ توازنها، ويجعلها تقوم بوظائفها على الوجه الأكمل.
انتفاخ مائي مدمر
وقد وجد العلماء أن تثبيط جين (KCNB2) تسبب في امتصاص خلايا الورم لكمية كبيرة جداً من الماء المحيط بخلايا الجسم (نتيجة لغلق قنوات البوتاسيوم) ما أدى إلى تضخم هذه الخلايا وتدميرها، وبالتالي حدث توقف لنمو السرطان، وهو الأمر الذي يمكن استثماره بعد ذلك في التوصل إلى دواء يثبط الجين ويعالج الورم.
وأوضح العلماء أن نتائج التجربة مبشرة جداً، ولكن إنتاج دواء فعال ربما يحتاج بضع سنوات بعد إجراء تجارب سريرية على البشر ومعرفة مدى فاعليته، وكذلك دراسة الآثار الجانبية التي يمكن أن تظهر بعد استخدامه بشكل موسع. وأكدوا أن استخدام هذه الطريقة في العلاج سوف يوفر الوقت المبذول في العلاج التقليدي عن طريق استهداف الجين بشكل مباشر، وبالتالي يحمي الأطفال من الآثار الجانبية الشديدة للعلاج الكيميائي، ويقلل من حدوث الانتكاسات.
المصدر: الشرق الأوسط