العظام

التهابات المفاصل عندما تصيب الأطفال

عادة ما يرتبط التهاب المفاصل بتقدم العمر. تبدو الصورة الذهنية لهذا المريض كشخص عجوز يحمل عصا يتكئ عليها ويتحرك ببطء وصعوبة. لكن قد يكون مثيرا لدهشة بعضهم أن الأطفال أيضا قد يصابون بمختلف أنواع التهاب المفاصل التي قد تصيب البالغين.

أشهر هذه الأنواع هو ما يعرف بالتهاب المفاصل مجهول السبب لدى اليافعين Juvenile Idiopathic Arthritis.

تصيب التهابات المفاصل والأمراض الروماتيزمية الأخري قرابة 300 ألف طفل في الولايات المتحدة سنويا. في هذا المقال نناقش هذا النوع من التهاب المفاصل، خاصة أن شهر يوليو يعتبر الشهر المخصص للتوعية والحديث عن هذا المرض.

ربما كان السؤال الذي يتبادر إلي الذهن أولا: ما الذي يمكن أن يسبب هذا المرض في الأطفال، خاصة أن عظامهم ومفاصلهم لم تتعرض بعد للصدمات التي يمكن أن يتعرض لها كبار السن؟ ليس السبب المحدد معروفا بدقة، لكن عادة ما يحدث هذا المرض كواحد من أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم وأنسجته باعتبارها غريبة عنه.

عادة ما تحدث هذه الأمراض نتيجة عاملين رئيسيين: الأول وراثي، إذ يرث الطفل من أبويه أحد الجينات التي قد تزيد من احتمال الإصابة، ثم يصاب بعدها أحد الفيروسات التي يبدأ بعدها حدوث الالتهابات.

من النادر أن يصاب شخصان من نفس العائلة بهذا المرض، لكن عادة ما يحدث المرض في العائلات التي أصيب أحد أفرادها بأحد أمراض المناعة الذاتية من قبل مثل  مرض الروماتويد، التصلب المتعدد، أو التهابات الغدة الدرقية. هذا التاريح المرضي العائلي قد يساعد الطبيب على تشخيص الحالة والتعرف على سبب المشكلة التي يعاني منها الطفل.

عادة ما يشكو الطفل من تورم واحمرار في المفاصل، يصاحبه ألم وصعوبة في الحركة تستمر لمدة ستة أسابيع أو أكثر. يؤثر المرض بشكل خاص على الركبتين، وعلى مفاصل اليدين والقدمين. تزداد هذه الأعراض بشكل خاص في الصباح بعد الاستيقاظ من النوم.

مثل أمراض المناعة الذاتية الأخري، يشعر الطفل بفترات من التحسن قد تختفي الأعراض فيها تماما تتخللها فترات من ظهور الأعراض بشكل واضح. قد ترتبط هذه الالتهابات في المفاصل بالتهابات أخري في العينين تؤدي إلى احمرارها واضطراب الرؤية، وقد ينتج عنها تشوهات في العظام نتيجة نمو العظام والمفاصل بشكل غير متساو.

تجدر الإشارة إلي أن هناك سبعة أنواع فرعية من هذا المرض، يتميز كل منها بخصائص مختلفة، ويختلف عدد المفاصل المصابة فيها بين مفصل واحد في بعض الأنواع إلى أكثر من خمسة مفاصل في أنواع أخرى. في بعض الأنواع قد يصاب الطفل بأعراض جسدية عامة مثل الإصابة بحمى متقطعة تسبق أو تحدث مع التهاب المفاصل مصحوبة بتضخم في العقد الليمفاوية أو الطحال أو الكبد. كما قد يكون المرض مصحوبا بالتهاب فى شغاف القلب أو طفح جلدي.

* كيف يتم التشخيص؟
يعتمد  التشخيص بالطبع على وجود الأعراض والتاريخ المرضي والفحص الإكلينيكي، بالإضافة إلى بعض الفحوص المعملية والأشعات التي قد تشمل سرعة الترسيب، بروتين سي المتفاعل

CRP، صورة الدم الكاملة، وظائف الكبد والكلي، عامل الروماتويد، الجسم المضاد لسي سي بي Anti CCP ،الأجسام المضادة للنواة ANA، بالإضافة إلى الأشعات المختلفة التي قد يطلبها الطبيب.

* كيف يتم علاج الحالة؟
بوجه عام يسعى الأطباء من خلال العلاج إلى المحافطة على النشاط البدني للطفل، كما يسعون للتأكد أن الطفل يمكنه ممارسة النشاط الاجتماعي ويعيش حياة طبيعية إلى حد كبير.عادة يصف الأطباء علاجا يهدف إلى تقليل التورم والمحافظة على حركة المفصل وتقليل الألم. كما يسعون إلى منع علاج المضاعفات التي يمكن أن تحدث. لكن من المهم معرفة أن التعامل مع هذا المرض لا يتم فقط من خلال طبيب الأطفال المتخصص في أمراض الروماتيزم، لكن من خلال مجموعة أخري يمكنها تقديم المساعدة والدعم للطفل والأسرة. هذه المجموعة تشمل أخصائي العلاج الطبيعي، متخصص نفسي، طبيب رمد، أخصائي اجتماعي، متخصص في التغذية، بالإضافة إلي فريق التمريض في المدرسة.

* ابني مصاب بالتهاب المفاصل.. ماذا أفعل؟
التهاب المفاصل لدى الأطفال واليافعين لا يؤثر على المصاب وحده، لكنه يؤثر على العائلة بأكملها. فالطفل المريض قد لا يستطيع الاندماج في الكثير من الأنشطة الاجتماعية التي تتطلب نشاطا حركيا، وقد يؤثر المرض على أدائه الدراسي وقدرته علي عمل الواجبات المدرسية. لذلك يجب على أفراد العائلة دعم الطفل ومساعدته نفسيا وجسديا من خلال طلب الرعاية والمشورة الصحية ومعرفة طبيعة المرض وخيارات العلاج.

هناك العديد من الخيارات التي قد ينفع بعضها في حالات معينة ولا ينفع في حالات أخرى. إذا لم يؤد العلاج الذي وصفه الطبيب إلى تحسن الحالة أو أدى إلى أعراض جانبية لا يمكن التعامل معها، عليك أن تتحدث إلى الطبيب لاختيار بدائل أخري مناسبة. تحدث مع طفلك، وحاول معاملته بشكل طبيعي قدر الإمكان، وقم بتشجيعه على ممارسة الرياضة والحصول على العلاج الطبيعي. يمكن للطفل أو المراهق المصاب بالتهاب المفاصل أن يشارك كذلك في بعض الأنشطة، ويمكنه العمل والاعتماد على نفسه، كما يمكن أن يتعلم القيادة. يجب التعاون مع المدرسة والمعالجين لفهم طبيعة المشكلة والتعامل الصحيح معها. قد يتغيب الطفل عن المدرسة لفترات طويلة، وهو ما يتطلب تعاونا من إدارة المدرسة والمدرسين حتى يواصل الطفل دراسته بشكل طبيعي ولا يتأخر عن أقرانه.

* هل يجب على الأطفال المصابين بهذا المرض أن يقللوا من نشاطهم الحركي والبدني؟
قد يقلل الألم من قدرة الأطفال علي الحركة بشكل طبيعي، لكن من المهم أن يعلم الجميع أن ممارسة الرياضة يمثل أحد أهم مفاتيح تقليل الأعراض والمحافظة على حركة ووظيفة المفاصل التي تتأثر بالمرض.

بشكل عام، يمكن للأطفال المصابين بالتهاب المفاصل المشاركة في الأنشطة الجسدية وبعض الرياضات في فترات غياب الأعراض. تعتبر السباحة خيارا جيدا، حيث تشمل الحركة في هذه الرياضة العديد من المفاصل والعضلات دون وضع حمل أو وزن زائد علي المفاصل.

أثناء فترة ظهور الأعراض، قد ينصح الطبيب بتقليل النشاط البدني بشكل معين حسب المفاصل التي تتأثر بالمرض، ثم يمكنه العودة لممارسة النشاط البدني بعد اختفائها.

إغلاق