الطب النفسيسلايد 1
علاج الأرق واضطرابات النوم المرتبطة بالآلام المزمنة بأساليب جديدة
الآلام المزمنة الناتجة عن الإصابة ببعض الأمراض قد تسبب الأرق للمريض وتمنعه من النوم الهانئ، خصوصاً أمراض الظهر المزمنة، الألم الليفي العضلي أو الألم المرافق لعلاجات السرطان؛ جميعها تشكل اضطرابات النوم، حيث إن الألم هو أحد الأسباب الرئيسية للأرق.
تعرّفي في ما يلي على علاج الأرق واضطرابات النوم المتصل بالآلام المزمنة من خلال العلاج المعرفي السلوكي، بحسب خبراء “كليفلاند كلينك” الأميركية في أوهايو:
ويعتبر العلاج المعرفي السلوكي علاجاً فعالاً وواعداً بالنسبة لهؤلاء المرضى قد يساعدهم على التخلص من الأرق، ويرى الدكتور روبرت بولاش، الاختصاصي في معالجة الألم، أن هذه الاضطرابات تتراوح عادة بين صعوبة الاستغراق في النوم وبين الاستيقاظ المبكر مع تعذّر العودة للنوم، مما يؤدي إلى عدم الحصول على قدر كافٍ من النوم الجيد وبالتالي زيادة الألم، حيث قال: “إن الألم يؤدي إلى حدوث اضطرابات في النوم، والنوم السيئ يسبب بدوره تفاقم الألم. إنها حلقة مفرغة”.
علاج الأرق للتخفيف من حدّة الآلام المزمنة
وأشارت الدكتورة ميشيل دريروب، الاختصاصية في علم النفس وسلوكيات النوم، إلى أن علاج الأرق يمكن أن يساعد كثيراً في تخفيف شدة الآلام المزمنة، ولكن يجب على الطبيب المختص في البداية استبعاد الأسباب الأخرى المحتملة، قائلة: “عند إصابة الشخص بمرض مزمن، كثيراً ما يعاني من مشاكل أخرى مرافقة مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، والتي يمكن أن تؤثر على نوعية النوم لديه”.
هذا ويمكن لبعض الحالات المرضية مثل انقطاع التنفس أثناء النوم أن تسبب الأرق، وبدوره يؤدي اضطراب النوم إلى إحساس المريض بالألم. وشرحت الدكتورة دريروب هذه العلاقة قائلة: “يأتينا أحياناً بعض المرضى الذين يعانون من آلام مزمنة، وعند مراقبتهم نجد أن أساس المشكلة حالة مرضية تدعى انقطاع التنفس أثناء النوم. وعندما نقوم بعلاج انقطاع التنفس النومي، يختفي ألمهم كذلك”.
ثلاث خطوات للتخلص من الأرق
شدد الطبيبان روبرت بولاش وميشيل دريروب على ضرورة اتباع ثلاث خطوات هامة من أجل التغلب على الأرق:
1- فهم سبب حدوث الأرق
“لكي نفهم آلية تأثير الألم المزمن على نومنا، من المفيد أن نتذكر ما نقوم به عادة قبل النوم، فمعظمنا يحاول الابتعاد قدر الإمكان عن المنبهات وعوامل الإزعاج، من خلال إطفاء الأضواء والاستلقاء في جو هادئ ووضعية مريحة، فهذا يساعدعلى الاسترخاء والنوم”، تقول الدكتورة دريروب.
وتتابع: “لكن هذا الجو الهادئ يصبح مشكلة إذا كنا نعاني من الألم المزمن؛ لأنَّ الألم يصبح الأمر الوحيد الذي يشغل تفكيرنا. للأسف، كلما خفتت المنبهات الأخرى ازداد صخب الألم، وفي كثير من الحالات لا تزداد شدّة الألم بحد ذاته ولكن تزداد درجة إحساسنا به عند محاولتنا النوم.”
2- فهم عادات النوم الصحية
لكي يستفيد المرضى من الاستراتيجيات العلاجية السابقة عليهم كذلك اتباع عادات النوم الصحية؛ إذ إن هذه الاستراتيجيات ضرورية ولكنها ليست كافية بحد ذاتها، موضحة الدكتورة دريروب أهم عادات النوم الصحية:
– عدم القيام بأنشطة إضافية في الفراش، مثل القراءة أو مشاهدة التلفاز أو القلق.
– عدم الذهاب إلى الفراش إلا عند الشعور بالنعاس.
– ضرورة مغادرة الفراش والذهاب إلى غرفة أخرى عند عدم التمكن من النوم في غضون 15-20 دقيقة. مع العودة إلى النوم فقط عند الشعور بالنعاس.
– الاستيقاظ في ساعة معينة كل يوم بغض النظر عن عدد ساعات النوم.
– تجنب أخذ قيلولة أثناء النهار.
– تجنب تناول الكافيين والمشروبات الكحولية قبل النوم.
– ممارسة التمارين الرياضية أثناء النهار، وتجنبها قبيل ساعتين من موعد النوم.
3- فهم طريقة العلاج
يتضمن العلاج المعرفي السلوكي للأرق، والذي يسمى أحياناً “CBT-I”، عدداً من الاستراتيجيات العلاجية المصممة لتحسين نوعية النوم والمساعدة في تغيير الأفكار والسلوكيات التي تتعارض مع النوم الهادئ. ويعتبر العلاج المعرفي السلوكي أفضل من العلاج الدوائي، حيث إنّه لا آثار جانبية له، كما أنه أشدّ فعالية على المدى الطويل.
ومن الأهداف الرئيسية لهذه الطريقة مساعدة الناس على التحكم بالأفكار السلبية والمخاوف التي تمنعهم من النوم والتخلص منها، حيث يمَكّنهم العلاج المعرفي السلوكي من تمييز الأفكار التي تؤثر على نومهم. وحول ذلك، قالت الدكتورة دريروب: “بمجرد السيطرة عليها، تتوقف هذه الأفكار عن إزعاجنا وهذا يسمح لنا بأن ننام بهدوء”.
التدرّب على الاسترخاء
ومن الاستراتيجيات الأخرى لعلاج الأرق التدرب على الاسترخاء، فهذا يخفف توتر العضلات ويصرف الانتباه عن الأفكار المتسارعة. وتتضمن هذه الأساليب استرخاء مجموعات عضلية معينة، والتصوّر، والتأمل.
وتابعت الدكتورة دريروب، التي تقوم باستقبال مرضى الأرق في جلسات تدريبية فردية وجماعية، قائلة: “بغض النظر عن الأسلوب المستخدم للاسترخاء، سوف يحتاج المريض لمساعدة اختصاصي ليعلمه الطريقة المثلى خلال عدد من الجلسات. عادة ما يتطلب الأمر من ثلاث إلى ثماني جلسات لتعلم التقنيات الضرورية واكتشاف ما يناسب كل مريض.”
فالعلاج المعرفي السلوكي أظهر نتائج إيجابية واضحة في 70 إلى 80% من المرضى، وهذا أمر في غاية الأهمية.