أمراضسلايد 1منتجعات علاجية
الاحتشاء الرئوي
الاحتشاء الرئوي (Pulmonary infarction) هو حالة تشكل خطرًا على الحياة، يسببها الإنصمام الرئوي نتيجة لجلطة. والانصمام الرئوي، هو انسداد مفاجئ في أحد شرايين الرئة بسبب جلطة دموية (كتلة متخثرة). إن السبب المباشر لمثل هذا الانصمام هو جلطة دموية، تكون قد تكونت على الأغلب في أوردة الساقين أو الحوض، سرعان ما تتفكك هذه الجلطة لعدة أقسام وتسري مع الدورة الدموية. يتم ضخ الجلطة عبر القلب إلى الرئتين حيث تعلق هناك بأحد شرايينها. أما الجلطات الأكبر حجمًا، فستعلق بالشرايين الأكبر حجمًا داخل الرئة، ولذلك فإنها تسبب أعراضًا أكثر جدية وخطورة قد تصل حد الوفاة.
إن الانصمامات الدهنية – التصلبية من جدران الأوعية الدموية (مثل الجلطات الدهنية لنِقْي العظم بعد انكسار العظام الطويلة في الأطراف)، انصمامات ماء السلى لدى النساء الحوامل أو الوالدات، والانصمامات الناتجة عن أجزاء من الأورام المختلفة، التي تم وصفها، إلا أن هذه الأنواع من الانصمامات تكون نادرة بطبيعة الحال.
إن أكثر أنواع الانصمامات انتشارًا، كما تقدم ذكره، هي الانصمامات الدموية. يتم إنتاج هذه الانصمامات الدموية على الأغلب في الأوردة السفلى للساقين أو الحوض (تسمى بالخثار الوريدي العميق – Deep vein thrombosis) لدى الأشخاص المعرضين للمخاطر المختلفة. تنفلت هذه الجلطات، عادة من مكان تشكل التخثر الأصلي، وتسري مع تيار الدورة الدموية إلى الشرايين الرئوية. تمر هذه الجلطات هناك، بعملية تحليل كامل في منظومة تحليل التخثرات خلال ساعات معدودة أو أيام، وغالبًا ما لا تسبب أية أضرار طويلة الأمد للأنسجة. ومع ذلك، فإن 10% من هذه الانصمامات تضر بعملية تزويد الدم للأنسجة الرئوية المحلية، ويصل هذا الضرر اللاحق بأنسجة الرئة حد موتها. تسمى هذه الحالة “الاحتشاء الرئوي” (Pulmonary infarction).
أعراض الاحتشاء الرئوي
تتنوع أعراض الاحتشاء الرئوي (Pulmonary infarction) وتختلف وفق حجم الجلطة، ومدى خطورة الانصمام الرئوي؛ فمن جهة، الانصمامات الصغيرة قد لا تثير أية أعراض، ويتم اكتشافها عن طريق الصدفة خلال إجراء فحص تصويري بالأشعة لتشخيص مرض آخر. ومن المعروف، أنه يتم اكتشاف مثل هذه الانصمامات الصغيرة عديمة الأعراض، عن طريق الصدفة لدى نحو نصف المرضى الذين تم تشخيص الخثار الوريدي العميق لديهم؛ ومن الجهة الأخرى، فمن الممكن أن تؤدي الانصمامات الكبيرة لانسداد حاد في شرايين الرئة الرئيسية، وتسبب انخفاض ضغط الدم وأعراض الصدمة، بل إنها قد تؤدي للوفاة المفاجئة. إن هذه الانصمامات الكبيرة نادرة، وهي تحصل لدى 25% – 50% من أصحاب الانصمامات ذات الأعراض الواضحة.
إن غالبية الانصمامات الرئوية ذات الأعراض، تظهر على شكل ضيق حاد في التنفس. وتكون مصحوبة في بعض الأحيان بالشعور بالألم في الصدر، عند أخذ نفس عميق (أوجاع ذات خاصية تشبه أوجاع التهابات الجنبة – Pleuritic pain) يمكن، لدى بعض المرضى، خروج بلغم دموي وارتفاع بالحرارة. كذلك من الممكن أن تظهر أعراض أخرى كسرعة النبض أو الدوار.
سيكون بين الأعراض، في الحالات التي يكون سبب الانصمام الرئوي فيها جلطة كبيرة جدًّا، ما يلي: ضيق مفاجئ بالتنفس وألم في الصدر، حيث يميل الألم ليشبه ألم سكين حادة، وفي أوقات متقاربة يزداد مع كل شهيق عميق؛ كذلك من الوارد حدوث نوبات إغماء، ضيق تنفس شديد وسعال مصحوب بنزيف. يمكن أن تسبب الجلطات الكبيرة الموت المفاجئ.
تشخيص الاحتشاء الرئوي
يتم تشخيص الاحتشاء الرئوي (Pulmonary Infarction) بناء على ظهور عدد من الأعراض المرضية المثيرة للشكوك (مثلاً، وجود عوامل مسببة لخطر الإصابة من ضمنها انصمامات في الرئة)، والأعراض المعروفة الأخرى. يقوم الطبيب بعدد من الفحوص الإضافية من أجل التشخيص النهائي للاحتشاء، من ضمنها فحص مستوى إشباع دم المصاب بالأوكسجين (الذي يكون منخفضًا في العادة في حال الإصابة بالاحتشاء) وفحص تصوير بالأشعة السينية (رنتجن) للرئتين – والذي يتم تفسيره على أنه سليم في الغالب، عندما يتم إجراؤه لنفي وجود أمراض أخرى، إلا أنه يؤكد وجود انصمامات – (إذا كانت هنالك انصمامات، تكون نتائج التصوير إمراضية أو تشير إلى وجود مرض بشكل خاص).
إن الفحص الأكثر شيوعًا اليوم، هو فحص “نضح وتهوئة الرئة” (Lung ventilation / Perfusion scan). يتم هذا الفحص على مرحلتين: يتم في المرحلة الأولى ضخ كمية صغيرة من المادة المشعة إلى الدم، ويتم تصوير وتسجيل جريان الدم في الرئتين. أما في المرحلة الثانية فيتم إعطاء مادة مشعة من خلال الشهيق، ويتم تسجيل سريان هذه المادة في الحُوَيْصِلات الهوائية أيضًا. يتم تشخيص الإصابة إذا ما تم إثبات وجود خلل بجريان الدم في الرئة (بسبب التخثر المسبب للانسداد)، دون حصول أي خلل بفحص التهوئة. أما الفحص الأكثر دقة، والذي يعتبر الفحص الذهبي (Gold standard) فهو تصوير الوعائي شرايين الرئتين (Lung angiogram). إن هذا الفحص عالي الدقة، لكنه “باضع” ويُلزم بإجراء عملية القسطرة في تجويفات القلب، حقن مادة تباين وتصوير أشعة لعدة مرات متعاقبة؛ من جهة أخرى، يعتبر فحص تخطيط كهربية القلب (Electrocardiogram) فحصًا غير دقيق، ومن شأنه أن يعطي نتائج سليمة في كثير من الأحيان.
كذلك، فإن إثبات وجود خثار وريدي عميق في الساقين، يدعم احتمال تشخيص وجود انصمامات في الرئة، ولكنه لا يثبت ذلك بشكل مباشر.
علاج الاحتشاء الرئوي
إن العلاج الأساسي المستخدم للانصمام في الرئة، المسبب للاحتشاء الرئوي (Pulmonary infarction)، هو العلاج بواسطة مضادات التخثر. يتم، على المدى القريب، إعطاء هذا العلاج خلال فترة المكوث في المستشفى، وهو يشمل حقن “الهيبارين” (Heparin) بشكل متواصل إلى داخل الوريد، أو من خلال حقنه تحت الجلد؛ واستمرارًا لهذا العلاج (وبالتوازي مع العلاج بالهيبارين العادي أو المنخفض)، يتم إعطاء العلاج بمضادات التخثر الفموية (وارفارين – Warfarin). يتم، خلال العلاج، إجراء رصد ملازم لقياس مدى كثافة العلاج، من خلال القيام بفحوص الدم المتكررة، وعلى الأغلب على مدى عدة أشهر حتى سنة. يحتاج قسم من المرضى (وفق مدى الخطورة لاحتمال الإصابة مجددًا) لعلاج متواصل لفترة أطول، أو قد يكون لمدى الحياة.