أمراضسلايد 1منتجعات علاجية

ديستونيا

خلل التوتر او ديستونيا (Dystonia) هي متلازمة طبية حركية عبارة عن انقباض مستمر في مجموعة من العضلات، هذا الانقباض الذي يمكن أن يؤدي، أحيانا، إلى حركات مشوهة ومتكررة تتخللها وضعيات غريبة للأطراف، العنق أو الجسم بأكمله، كما يمكن أن تسبب صعوبات في الوقوف أو المشي، إلى درجة السقوط. تظهر هذه الحركات وتزداد حدتها، أكثر، عند الإتيان بحركة ما تتطلب تشغيل تلك العضلات المصابة، ولكنها قد تظهر أيضا، وخصوصا في حالاتها الصعبة، في حالات الراحة كوضعية ثابتة (fixed posture)، وعندها يكون المريض طريح الفراش ولا يستطيع القيام بوظائفه.
هذه المتلازمة معروفة منذ العام 1908، ومنذ ذلك الحين حاول العديد من الخبراء وصف المرض، بكل مركباته وتعقيداته. ويبدو أن مرض الديستونيا قد يكون متموضعا في عدد قليل ومحدود من العضلات (خلل التوتر البؤري – focal dystonia) أو في طرف واحد من الأطراف أو في العنق (الصَعَر / انفتال العنق – torticollis)، في الوجه وبالأخص في عضلات العينين (blepharospasm) أو في نصف الوجه أحيانًا بعد الشلل النصفي في الوجه (تشنج الجفن – hemifacial spasm) كما يظهر أحيانًا خلال نشاط معين مثل: الكتابة (شلل / معص الكتاب – writer’s cramp)، العزف (شلل / معص العزف – musician’s cramp). وتظهر الأشكال الجزئية منه في أجيال مختلفة، وخاصة لدى البالغين. في هذه الحالات تجري معالجة الخلل التوتري فقط إذا كان يؤثر على تنفيذ العمل والنشاطات اليومية. وقد يشمل الخلل التوتري مناطق متقاربة مثل الوجه والعنق، منتصف الجسم (خلل توتر نصفي / شِقّي – hemidystonia)، أو قد ينتقل من منطقة إلى أخرى في الجسم حتى يصبح خلل توتر متعمما (generalized dystonia).

خلل التوتر المتعمم هو الحالة الأشد حدة والأكثر صعوبة، وهو يظهر منذ الطفولة بسبب خلل وراثي عائلي، بينما تظهر أعراضه الخارجية لدى الثلث فقط من بين الأشخاص الذين يحملون الجين المعيوب. وكلما كان سن بدء ظهور الأعراض أصغر ازداد احتمال أن يكون المرض أكثر حدة وصعوبة.

تبلغ معدلات انتشار المرض في العالم نحو 3,4:100,000. وتعتبر منطقة ليتوانيا أصل هذه الطفرة الوراثية ومصدرها، منذ أكثر من 350 سنة، والتفسير لذلك هو: الكثافة السكانية العالية في تلك المنطقة وكثرة حالات الزواج بين أفراد العائلة وأفراد تلك المجموعة السكانية نفسها في الماضي.

قد يكون هذا المرض أوليا، نتيجة لخلل وراثي (ثمة  13 خللا جينيا معروفة اليوم تسبب حالات مختلفة من الخلل التوتري) أو قد يكون ثانويا، نتيجة لضرر في الجملة الدوبامينية (Dopaminergic system) في الدماغ بسبب عدة أمراض مختلفة، مثل: ضرر من جراء نقص الأكسجين عند الولادة، حالات من السكتة القلبية (Cardiac arrest) أو انقطاع النَفـَس (Apnea)، حوادث ينجم عنها ضرر للدماغ، السكتة الدماغية (Stroke)، متلازمة أهبة التخثر (Thrombophilia)، حالات من التسمم بـ cyanide, Mn, Co، التهاب الدماغ بسبب فيروسات (encephalitis)، أدوية مختلفة تؤثر على الدماغ، مثل مضادات الذهان (هاليدول – halidol) التي تعطى لمعالجة مشاكل نفسية، وكذلك أدوية شائعة الاستعمال مثل الأدوية المضادة للغثيان والدوخة (سولفريد – Sulpiride).

وتكون ظواهر الخلل التوتري، عادة، مصاحبة لمجموعة من المتلازمات الوراثية التي يتخللها ضرر للجهاز العصبي المركزي.

تتم المعالجة، منذ ما يزيد على 10 سنوات، بواسطة حقن ذيفان (toxin) وهو علاج يعطى في حالتين ترتبطان بخلل التوتر البؤري تؤثران بشكل سلبي على جودة الحياة والأداء الوظيفي:

1. تشنج الجفن (Blepharospasm): انقباض العضلات التي تغمض كلتا العينين لدى أي تنبيه خارجي للضوء، وخاصة عند التعرض لأشعة الشمس. في هذه الحالة يضطر الشخص إلى الاستعانة بيديه ليستطيع فتح عينيه، أن يضع نظارات شمسية أغلب الأوقات، وأحيانًا مثل الضرير يكون بحاجة إلى مرافقة شخص آخر، لا يستطيع أن يكون مستقلا ولا يستطيع القيادة.

2. الصعر / انفتال العنق (torticollis): انقباض عضلات العنق عند تحريك الرأس من جهة إلى أخرى، أو في محور أمامي – خلفي، قد يسبب الألم وعدم قدرة المريض على استعادة الحركة لوحده. وأحيانًا تزداد الحالة سوءا عند المشي. مع مرور الوقت، قد  يؤدي الألم في العنق والتغيرات في الفقرات العنقية إلى مضاعفات إضافية. ملامسة جسم غريب يمكن أن تؤدي أحيانًا إلى الخروج من الوضعية غير الطبيعية للعنق، وعادة ما يبحث هؤلاء الأشخاص عن وضعيات مريحة تدعم الرأس لكي يستطيعوا ممارسة نشاطهم.

علاج ديستونيا

العلاج المفضل للخلل التوتري الموضعي هو حقن ذيفان السجقية (Botulinus toxin – botox, disport)، وتكرار العلاج كل 3 – 4 أشهر.

في أغلب الحالات يكون هذا العلاج ناجعا. أما في الحالات الصعبة التي لا تستجيب لهذا العلاج فهنالك أدوية أخرى تعطى فقط تحت إشراف طبيب متخصص بأمراض الجهاز العصبي (Neurologist)، أدوية دوبامينية (- Drugs Dopaminergic L – dopa) وأدوية مضادة للدوبامين (مثل: تترابينازين – tetrabenazine)، مثبطات الأستيل كولين (Acetylcholine)، أدوية مضادة الصرع (Epilepsy) وأدوية مضادة للتشنج (Antispastic). وبالإضافة إلى ذلك، فقد تبين في السنوات الأخيرة أنه من الممكن إجراء عملية جراحية يتم خلالها إدخال ناظمات إلى منطقة الدماغ المسؤولة عن هذه الظاهرة (deep brain stimulation) في الخلل التوتري المتعمم والبؤري، وخاصة في العنق عند فشل العلاجات السابقة.

إغلاق