العظامسلايد 1منتجعات علاجية

التهاب جهاز الهيكل العظمي

يوجد هنالك خلط لدى الناس بالنسبة لتعريف الالتهاب. فبنظر معظم الناس، الالتهاب عبارة عن عدوى تسببها الجراثيم وتعالج بواسطة المضادات الحيوية، والتي هي عبارة عن دواء يدمّر الجراثيم؛ لكن هذا ليس سوى جانب واحد لحالة العظام المعرفة بمصطلح التهاب (Inflammation). أما الحالة الأخرى، وعادة ما تكون أكثر شيوعًا، فهي الالتهاب أو رد فعلٍ اِلْتِهابي، الذي لا يكون ناجمًا عن عوامل مُلوِّثة، مثل الجراثيم أو الفيروسات، إنما هي نتاج العمليات البيولوجية الميكانيكية (Biomechanical) في الهيكل العظمي، التي سوف يتم توضيحها لاحقًا.

الالتهابُ العَدْوائي (Infection) في الهيكل العظمي: إن الهيكل العظمي معرض للإصابة بالعدوى في أي مركب من مركباته: العضلات، الأوتار، العظام والمفاصل. قد تكون العوامل المُلوِّثة جراثيم، فيروسات أو طفيليات مختلفة. إن بعض العوامل المُلوِّثة هي تلك الموجودة في الجسم الذي يعاني من سوء التغذية، أو لسوء يلحق موضعًا محددًا من الجسم، كما هي الحال عند الإصابة بجرح، كَدْمَة أو عند إجراء عملية جراحية. تبدأ هذه العوامل المُلوِّثة بالتكاثر، مما يؤدي إلى حدوث العدوى.

تختلف أنواع العوامل المُلوِّثة باختلاف العمر، سبب العدوى والبيئة المحيطة؛ فعلى سبيل المثال، العدوى الطُّفَيْلِيَّة هي من سمات البيئة الريفية، خاصةً كتلك التي تسودها ظروف نظافة متدنية.

يشهد العالم مؤخرًا، ازديادًا في حالات العدوى في الهيكل العظمي، الناجمة عن الجراثيم، ولدى مرضى الإيدز (AIDS)، وغيرهم من المرضى الذين يعانون من سوء التغذية.

فيما يلي تصنيف هذه العداوى لفئات:
الأطفال: تُعَدُّ العدوى في العظام، في هذه الفئة العمرية، شائعة نسبيًّا – التهاب العظم والنخاع العظمي (النِّقْي) (Osteomyelitis)، ويختلف نوع الجراثيم المسببة باختلاف عمر المصاب. من أبرز العلامات السريرية، هي الحمى وآلام حادة، مما يجعل الطفل يرفض أن يدوس على الأرض بواسطة طرفه المصاب. عادة ما تستقر العدوى في العظم بمنطقة تدعى كُرْدوس (Metaphysis) الغنية نسبيًّا بإمدادات الدم والذي يقع بالقرب من المَفْصِل والجزء الطويل من العظم، الذي يعرف بالجَدْل (Diaphysis).

العدوى في العمليات الجراحية: إنه على الرغم من كل التدابير التي يتم اتخاذها لمنع العدوى خلال العمليات الجراحية، مثل: أنظمة تنقية الهواء، الملابس والمعدات المُعَقَّمَة (Sterile)، إلا أننا ما زلنا نشهد حالات عدوى تحدث إثر إجراء العمليات الجراحية. بالطبع، عندما تجرى عملية جراحية لعلاج كسر مفتوح (Open fracture) حدث في بيئة ملوثة: حقل، شارع، حرب، فإن خطر الإصابة بالعدوى يكون كبيرًا وقد يصل إلى 30 % وأكثر. أما في العمليات الجراحية الانتقائية فإن خطر التلوث هو الأقل، وتتراوح نسبته ما بين 0 % – 3 % بحسب نوع العملية الجراحية.

العدوى في المفاصل الاصطناعية: نشهد في السنوات الأخيرة، ومع تزايد عدد المرضى الذين تم زرع مفاصل اصطناعية في أجسادهم، أعدادًا متزايدة من المرضى الذين يصابون بالعدوى في المفاصل الاصطناعية في: الركبة، الورك أو الكتف.

الالتهاب غير العَدْوائي (Inflammation): تتميز هذه الحالة بعدة مركبات التهابية، باستثناء المركب الرئيسي – العامل المُلوِّثة. أي أنه تظهر بعض الأعراض التقليدية : كالحُمَّى، الاحمرار، الألم، التقييد في الحركة، لكن دون تحديد مُسَبِّب العدوى (العامل المُمْرِض: جرثومة أو فيروس). ينجم هذا النوع من الالتهاب عن حدوث احتكاك الوتر داخل الإطار الذي يتحرك فيه، أو الاحتكاك مع نقطة التقاء الوتر بالعظم، أو نتيجة لكدمة موضعية، وهذه هي الحالة الشائعة، نتيجة لجهد مفرط للعضلة/ المَفصِل في حالة عدم التحضير أو القيام بالإحماء بشكل يتلاءم مع الجهد المبذول.

الحالة الكلاسيكية هي عندما يقوم شخص ببذل جهد بدني حاد (في بعض الأحيان عن طريق تفعيل مجموعة محددة من العضلات فقط) من دون تمارين الإحماء المسبقة لإعداد الجسم. إن الهدف من تمارين الإحماء المسبق هو الملاءمة بين مجموعة العوامل التالية: العضلة/ الوتر/ المفصل مع الجهد المطلوب. على سبيل المثال التهاب أوتار الكوع في جانبه الخارجي، المعروفة باسم ” كوع التنس”، لا ينجم فقط عن لعب التنس لفترة طويلة، وإنما نتيجة للجهد المبذول لرفع حمل، أو أي حركة تتطلب المجهود من اليد. الالتهاب الشائع بوتر أخيلِس (Achilles tendonitis) بالقدم/ الكعب، غالبًا ما يحدث نتيجة للجهد المبذول أثناء القفز/ الجري دون القيام بتجهيزات/ تمارين إحماء مسبقة.
لذلك، اليوم، مع زيادة الوعي لأهمية ممارسة التمارين الرياضية، من المهم التأكيد على ضرورة تمارين الإحماء/ إعداد الجسم للجهد بواسطة القيام بسلسلة من التمارين.

يجب البدء بتمارين خفيفة، وزيادة شدة المجهود الساكن (Static) والحركي (Dynamic) في العضلات والأوتار بشكل تدريجي، حتى تصبح جاهزة للقيام بالمجهود الجسدي.

يوجد هنالك فصل منفرد يُعنى بموضع الالتهاب، التهاب المفاصل، سواء كانت من نوع الفصال العظمي (Osteoarthritis)، أو روماتوئيدية (Rheumatoid) (راجعوا موضوع الفُصال العظمي – Osteoarthritis).
باختصار، لا بد من التمييز بين الالتهاب الناتج عن العدوى، والذي يتطلب العلاج بواسطة المضادات الحيوية، وبين الالتهاب غير العَدْوائي والذي لا يتطلب علاجه استخدام المضادات الحيوية، إنما يستلزم علاجًا موضعيًّا.

أعراض التهاب جهاز الهيكل العظمي

يتم تحديد التشخيص لدى الأطفال عن طريق الفحص السريري، المعطيات التي تدل على وجود التهاب في فحوص الدم، وفحوص تصوير مناسبة: كالتصوير بالأشعة السينية، فحص الأمواج فوق الصوتية (US)، والتصوير باستخدام المسح بالأشعة.

إن أعراض العداوى الناجمة عن العمليات الجراحية والتي تظهر في مرحلة مبكرة، تشمل: الحُمَّى، الاحمرار، الألم، ولاحقًا إفرازات تحتوي على الجرثومة، المسببة للعدوى.

يصاحب تكاثر العوامل العَدْوائية في الالتهاب غير العَدْوائي عادة إفراز سموم من الجرثومة، وتدمير الأنسجة التي تتكاثر بها الجرثومة، وبالتالي يؤدي ذلك لظهور أعراض الالتهاب التقليدية: ارتفاع الحرارة (الموضعي و/أو المَجْموعِي)، الألم، التورُّم، الاحمرار (بسبب توسع الأوعية الدموية في المنطقة المصابة بالعدوى)، وتقييد حركة العضو /الطرف/المَفْصِل المصاب.

علاج التهاب جهاز الهيكل العظمي

علاج الأطفال: بعد أن يتم تشخيص الالتهاب في العظام، يتم تجريب العلاج بواسطة المضادات الحيوية التي يتم إعطاؤها عن طريق الوريد، لفترة زمنية قصيرة تتراوح بين 24 – 48 ساعة. وإذا لم يطرأ تحسن ملحوظ، يتم القيام بنزْح وتنظيف المنطقة المصابة بالعدوى، عن طريق إجراء عملية جراحية، ومن ثم يُسْتكمل العلاج بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد لعدة أسابيع.

علاج العدوى الناجمة عن عملية جراحية: هو في المقام الأول عن طريق نَزْحِ المنطقة المصابة بالعدوى، وإعطاء المضادات الحيوية المناسبة لنوع الجراثيم المسببة للعدوى. عندما يخترق الالتهاب العظم، يطلق عليه اسم الْتِهاب العَظْمِ والنخاع العظمي (النِّقْي) (Osteomyelitis)، يزداد الوضع تعقيدًا لأن إمدادات الدم إلى العظام منخفضة نسبيًّا، وبالتالي تكون قدرة المضادات الحيوية على الوصول والتغلغل، لكل زاوية في المنطقة المصابة بالعدوى محدودة. وقد تم رصد حالات لمرضى أصيبوا بالتهاب خامد بالعظم لمدة سنين (عدة مرات)، وفجأة ينشط الالتهاب نتيجةً لسبب موضعي ككدمة، أو نقص في المناعة، بل وأحيانًا من دون سبب واضح لتفاقم الالتهاب.

علاج العدوى في المفاصل الاصطناعية: تعد المفاصل الاصطناعية، فراغات مغلقة تحتوي على أجسام غريبة، وبالتالي فإن قدرة المضادات الحيوية على الوصول إلى العوامل المُلوِّثة تكون محدودة، ولذلك فإن علاج هذه الحالات يكون بإجراء عملية جراحية على مرحلتين. يتم في المرحلة الأولى، إخراج الطعم الاصطناعي، ومن ثم يتم حقن مضادات حيوية إلى داخل حيز المَفْصِل بشكل موضعي وعام. فقط بعد مضي 10-15 أسبوعًا من إتمام المرحلة الأولى، وبعد أن يتم إجراء كل الفحوص اللازمة لاستبعاد وجود عدوى نشطة، يتم إجراء المرحلة الثانية من العملية الجراحية، والتي تتخلل زرع مَفْصِل اصطناعي مرة أخرى. أيضًا في هذه الطريقة، تكون نسبة العدوى مرتفعة وتصل إلى 10%-30%  مقابل 0%-3% في عملية استبدال المرفق الأولية.

أما في حال حدوث التهاب غير عَدْوائي، فيتم علاجها بالوسائل التالية:

  • الراحة، في الغالب يتم تثبيت الطرف/ المَفْصِل المصاب.
  • تبريد موضعي للمكان المصاب بواسطة ضمادات باردة /ثلج.
  • الأدوية المضادة للالتهاب المعروفة كمضادات الالتهاب اللا إستيروئيدية (NSAID – Non steroidal anti inflamatory drugs) تندرج ضمن هذه المجموعة الدوائية، أدوية مثل، فولترين (Voltaren)، إتودولاك (Etodolac)، فيوكس (Vioxx). إن بعض هذه الأدوية عبارة عن مراهم أو سوائل تستخدم موضعيًّا.

يمكن في الحالات الصعبة، أو الحالات التي لا تستجيب للعلاج، حقن أدوية تنتمي لعائلة الإستيروئيدات (Steroids)، مثل الكورتيزون (Cortisone)، والتي تعتبر ذات فاعلية مضادة للالتهاب قوية جدًّا، والتي يتم إعطاؤها عن طريق الحقن الموضعي، ولكن استخدامها منوط أحيانًّا بظهور آثار جانبية موضعية ومجموعية مختلفة.

يجب، في الحالات الأكثر خطورة، إجراء عملية جراحية، من أجل إزالة الأنسجة المصابة بالالتهاب أو الأنسجة النَّدْبِيَّة (Scar tissue) التي تكونت في منطقة الالتهاب.

تعتبر العلاجات الطبيعية المختلفة هامة جدًّا في إطار علاج الالتهاب، بالإضافة إلى علاج الأعراض، من المهم أن يقوم المعالجون، الأطباء، المعالجون الفيزيائيون (Physiotherapists) والمعالجون المهنيون (Occupational therapists) بإرشاد المريض بخصوص كيفية الوقاية من حدوث التهابات من هذا النوع.

إغلاق