أمراضسلايد 1منتجعات علاجية
الاغماء
الغَشْي او الاغماء (Syncope) هو عبارة عن فقدان مؤقت للوعي بسبب انخفاض في تدفق الدم اٍلى المخ. تكون حالة الغَشْي مصحوبة بسقوط المريض، اٍذا كان واقفا أو جالسا، وبعد ذلك يسترجع المريض وعيه تلقائيا. عادة ما يصاحب الغَشْي ضعف عام في عضلات الجسم، فقدان التوتر العضلي وعدم القدرة على الوقوف أو الجلوس أثناء حالة الغَشْي التي تستمر لمدة زمنية قصيرة، تتراوح بين عدة ثوان وحتى دقائق معدودة.
يمكن للغَشيْ أن يحدث دون سابق إنذار، أو أن يكون مسبوقا بعلامات مبكرة مثل الدوخة (Dizziness)، الشعور بالحمى، الغثيان والتقيؤ، رنين في الاذن وضبابية (عدم وضوح) الرؤية. قد تتفاقم هذه العلامات قبيل الاٍغماء، أو تختفي اذا عاد تدفق الدم السليم الى المخ.
قد يكون الغَشْي حميدا (Benign)، اذ ينتج عن انخفاض غير طبيعي في سرعة القلب (Heart rate) وتوتر الأوعية الدموية، أو يكون مرضيا نتيجة لاضطراب نظم نبض القلب (Arrhythmia). يمكن لحالة الغَشْي أن تحدث لمرة واحدة فقط أو ان تتكرر.
أسباب وعوامل خطر الاغماء
يمكن تقسيم الحالات التي قد تؤدي الى الغَشْي الى عدة مجموعات:
1. اضطراب في توتر (Tonus) الأوعية الدموية أو في حجم الدم: اغماء وعائي مبهمي (Vasovagal)، اغماء متعلق بوضعية جسد المريض (عقب استعمال أدوية علاج ضغط الدم ، السكري – Diabetes mellitus، ادمان الكحول، الاٍستلقاء لفترة طويلة، في اعقاب استئصال أعصاب ودية (Sympathetic nerves)، خلل حاد في الوظائف المستقلة (Dysautonomia)، اٍنخفاض في حجم الدم وأسباب أخرى)، فرط تحسس الجيب السباتي (Carotid sinus hypersensitivity)؛ حالة ظرفية: سعال، تبول، تبرز، (مناورة) فولسالفا (Valsalva)، ألبلع، ألم عصبي (neuralgia) في عصب الوجه التاسع (عصب اللسان والبلعوم).
2. أسباب متعلقة بعمل القلب: اضطراب في نظم القلبي (Arrhythmia) (بطيء: بطء القلب الجيبي – Sinus bradycardia، اضطراب في العقدة الجيبية، اٍحصار أذيني بطيني – Atrioventricular block ; سريع: تسرع القلب فوق البطيني – Supraventricular tachycardia في قلب – غير سليم، رجفان بطيني – Ventricular fibrillation في اعقاب متلازمة ولف باركنسون وايت – Wolff parkinson white، رفرفة أذينية سريعة – Atrial flutter، التسرع القلبي البطيني – Ventricular tachycardia وغيرها). أسباب أخرى متعلقة بالقلب (إنصمام رئوي – Pulmonary embolism، ورم مخاطي في القلب – Myxoma، فرط ضغط دموي رئوي – Pulmonary hypertension، مرض في عضلة القلب، دكاك قلبي – Tamponade، تضيق الابهر – Aortic stenosis وغيرها).
3. امراض الأوعية الدموية في المخ: قصور فقري قاعدي (Vertebrobasilar Insufficiency)، شقيقة (الصداع النصفي) الشريان القاعدي (Basilar artery migraine).
4.اضافة الى ذلك هناك أمراض تقلد الاٍغماء: مثل نقص التأكسج (Hypoxia)، فقر الدم (Anemia)، فرط التهوية (Hyperventilation)، نقص سكرالدم (Hypoglycemia)، الاٍصابة بنوبة هلع (Panic attack)، هستيريا (Hysteria)، والصرع (Epilepsy).
يعتبر الغشي الوعائي المبهمي (Vasovagal syncope) أكثر أشكال الاغماء شيوعا. وهو يحدث لدى الأشخاص المعافين. عادة تتكرر حالة الاٍغماء الوعائي المبهمي، وتشيع أثناء التوتر والضغط النفسي، بعد المرور بأزمة صعبة أو اٍثر الشعور بالألم. يحدث هذا النوع من الاٍغماء أثناء الوقوف أو الجلوس، وكثيرا ما يسبقه احساس منبه كما ذكر أعلاه. استرجاع الوعي يحدث في غضون ثواني الى دقائق معدودة، في حال كان المغمى عليه مستلق.
أسباب الاٍغماء متعددة، هي: انخفاض ضغط الدم والتوتر العضلي بالتزامن مع نتاج قلبي (Cardiac output) طبيعي، ولكنه غير كاف عند انخفاض ضغط الدم.
كما يحدث بسبب بطء نبض القلب (Bradycardia) والذي يؤثر سلبا على قدرة الجسم على الحفاظ على ضغط دم سليم وتزويد المخ بكمية كافية من الدم. لدى غالبية المرضى تظهر كلتا الظاهرتين: اتساع مفرط في الأوعية الدموية، اٍلى جانب بطء القلب (Bradycardia)، بينما لدى قسم من المرضى تبرز إحداها.
يحدث الاغماء الوضعي (Postural \ orthostatic hypotension) لدى الأشخاص الذين يعانون اضطرابا مزمنا أو حادا في المنعكس المحرك الوعائي (Vasomotor reflex). ان ٍانخفاض ضغط الدم لدى هؤلاء المرضى، أُثناء الوقوف، ينجم عن اٍنعدام المنعكسات التي تؤدي في الوضع الطبيعي اٍلى اٍنقباض الأوعية الدموية في الرجلين. يحدث الاٍغماء عند الوقوف بشكل مفاجىء أو سريع، بالاٍنتقال من الاٍستلقاء اٍلى الجلوس وخاصة بالانتقال من الاٍستلقاء اٍلى الوقوف. هذا الاٍغماء هو نموذجي بعد الاستلقاء المتواصل في اعقاب مرض أو جراحة، ولدى مرضى السكري، المدمنين على الكحول والمرضى الذين يعانون من اصابة في الجهاز العصبي الاٍنباتي (Vegetative nervous system)، وفي المنعكسات المسؤولة عن اٍنقباض الأوعية الدموية عند النهوض. قد يحدث مثل هذا الاغماء لدى المسنين أثناء التبول، خاصة بعد النهوض.
يحدث الاٍغماء النابع من مشكلة قلبية نتيجة لاٍنخفاض فجائي في نتاج القلب، والذي غالبا ما يكون نتيجة لاِضطراب النظم القلبي (Arrhythmia). غالبا ما يعاني المريض من أمراض أخرى في صمام القلب أو أمراض في الشرايين التاجية (Coronary artery disease)، أمراض في الأوعية الدموية في المخ أو من فقر الدم (Anemia). الاٍحصار الأذيني البطيني (Atrioventricular block) واضطرابات في جهاز التوصيل في القلب (Conductive system of the heart) هي أسباب شائعة للاٍغماء الناتج عن مشكلة قلبية).
ألاٍغماء الظرفي (Situational syncope): خلل في ملء البطين الأيمن نتيجة لقصور قلبي (Heart insufficiency) يمكن أن يؤدي الى الاٍغماء عند السعال، أو أُثناء مناورة فولسالفا (Valsalva) (الغطس في المياه الباردة، بذل الجهد أثناء التبرز، والتبول)، أو في مرحلة الحمل المتقدمة التي تؤدي إلى الضغط على ألأوردة الموجودة في البطن.
أمراض الأوعية الدموية في المخ: نقص في تدفق الدم الى المخ يؤدي الى الاغماء، وخاصة في حال انخفاض تدفق الدم في الشرايين الفقرية القاعدية (Vertebro – basilar artries) المسؤولة عن تزويد الدم لمراكز الدماغ المسؤولة عن حالة الوعي.
تشخيص الاغماء
الوصف الدقيق لطبيعة الحدث يمكنه غالبا أن يقود اٍلى التشخيص الصحيح. اذ توجد أهمية كبيرة لوصف سير الأحداث بشكل دقيق.
فقدان الوعي الذي يحدث أثناء سحب الدم أو التبول يعتبر اٍغماء وعائيا مبهميا نموذجيا، بينما فقدان الوعي الذي يحدث ُأثناء ارتداء قميص جديد ذي ياقة قاسية يمكنه أن يدل على وجود اضطراب في جيب الشريان السباتي (Carotid sinus).
الفحص البدني الشامل ضروري، بما في ذلك قياس ضغط الدم أثناء الجلوس والوقوف، بهدف استبعاد حدوث الاٍغماء نتيجة لنقص ضغط الدم الوضعي (Postural hyptension)، وأيضا الاٍستماع الى أصوات القلب. يجب اجراء فحوصات دم من أجل تحديد تركيبة خلايا الدم، مستوى الكهارل (Electrolyte)، مستوى السكر في الدم، واٍنزيمات القلب. في حال وجود تخوف من الاٍصابة بنوبة قلبية، يجب اٍجراء فحص، حسب الحاجة، لوجود مواد سامة في الدم والبول.
اذا تكررت حالة الاغماء يوصى باٍجراء فحص الطاولة الميالة (Upright tilt test) حيث يُنقل المريض من وضعية الاستلقاء الى الوقوف. يستلقي المريض بزاوية 60-80 درجة لمدة 30-60 دقيقة. يؤدي هذا الاٍستلقاء الى الاٍصابة باٍغماء وعائي مبهمي (Vasovagal syncope) لمعظم المرضى المعرضين لذلك (الذين يصابون بالاغماء الوعائي المبهمي).
اٍجراء تخطيط كهربية القلب (Electrocardiography)، يتيح اكتشاف اضطرابات في جهاز التوصيل في القلب، في حال وجودها، والتي تدل على الاصابة بمرض القلب الاٍقفاري. ويمكن للمراقبة المتواصلة لسرعة القلب أن تتيح الكشف عن اٍضطراب في النظم القلبي، والذي لم يكن بالاٍمكان كشفه في تخطيط كهربية القلب المعتادة.
بمساعدة فحص الفيزيولوجيا الكهربية للقلب (Electrophysiology)، يمكن تحديد اضطرابات في جهاز التوصيل في القلب، واضطراب في النظم القلبي التي أدت الى فقدان الوعي. يتم أجراء هذا الفحص عادة لمرضى القلب.
احيانا تلح الحاجة لاجراء فحص مخبري اضافي لتأكيد التشخيص.
علاج الاغماء
تتم ملائمة العلاج للتكهنات الناجمة عن التشخيص. لدى الأشخاص الذين يعانون من حالات متكررة من فقدان الوعي، يوصى بالاٍمتناع عن ممارسة الرياضات الخطرة مثل تسلق الجبال، ألطيران، أو السباحة من دون مرافق. أثناء الاٍغماء يجب وضع المريض على ظهره وتوجيه وجهه جانبا لمنع الاٍختناق.
بشكل عام العلاج هو علاج ظرفي، حيث يهدف العلاج اٍلى منع المحفز/العامل المسبب لفقدان الوعي. اٍذا كان الاٍغماء ناتجا عن نقص ضغط الدم الوضعي، يوقف العلاج بالادوية، التي قد تكون سببا للاٍغماء، وأيضا يوصى المريض بالامتناع عن النهوض الفجائي أو الانتقال الحاد من الاٍستلقاء اٍلى الجلوس. يوصى للمرضى الذين أصيبوا بالاٍغماء نتيجة لمحفز وعائي مبهمي، تجنب المواقف التي أدت لاٍغمائهم في الماضي (مثل التبرع بالدم، والتواجد في حمام البخار).