دراسات وبحوث
رؤى جديدة حول كيفية تنظيم “السيروتونين” للسلوك
نتائج بحثية ستؤدي إلى علاجات جديدة لمجموعة من اضطرابات الصحة النفسية والتهام الطعام المرتبطة بالسيروتونين
تتزايد معدلات القلق والاكتئاب في جميع أنحاء العالم منذ عقود، وهو اتجاه تفاقم بشكل حاد بسبب جائحة كوفيد-19. لكن يمكن أن تؤدي نتائج بحث جديد، بقيادة فرانك شرودر من معهد بويس طومسون الأميركي، إلى علاجات جديدة للمساعدة في تخفيف هذا العبء العالمي للصحة العقلية، بحسب ما نشره موقع Neuroscience News نقلًا عن Nature Chemical Biology.
سلاح رئيسي
تم اكتشاف السيروتونين لأول مرة في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو ناقل عصبي يتوسط في سلوكيات متعددة مثل التغذية والنوم والمزاج والإدراك. وتعتبر الأدوية، التي تغير مستويات السيروتونين، هي السلاح الرئيسي لعلاج الحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب وكذلك اضطرابات تناول الطعام.
كنموذج بسيط لبحوث البيولوجيا العصبية، تم استخدام الدودة المجهرية Caenorhabditis elegans على نطاق واسع لدراسة دور السيروتونين في تنظيم السلوك وتناول الطعام. لسنوات عديدة، اعتقد الباحثون أن السيروتونين يتكون في C. elegans من خلال مسار جزيئي محدد، ثم يتحلل بسرعة. أثبت تجارب فريق شرودر وزملاؤه في جامعة كولومبيا حالياً أن هذين الافتراضين جانبهما الصواب إلى حد ما.
مسار حيوي متوازٍ
بدأ شرودر وزملاؤه العمل منذ حوالي ثلاث سنوات، عندما اكتشفوا بشكل غير متوقع أنزيماً يحول السيروتونين إلى مركبات مشتقة.
قال شرودر: “اكتشفنا مساراً صناعياً حيوياً ثانياً متوازياً يمثل حوالي نصف إجمالي السيروتونين المنتج في نظامنا النموذجي”.
وأوضح شرودر: “يعتقد الكثير من العلماء أن السيروتونين مصنوع ثم يتحلل سريعاً، لكننا اكتشفنا أنه يتم استخدامه كحجر بناء لمركبات أخرى مسؤولة عن بعض نشاط السيروتونين. لذلك، قررنا أن نبدأ من البداية ونرى كيف يتكون السيروتونين، وبمجرد تصنيعه، كيف يتم تحويله إلى هذه الجزيئات الجديدة.”
وأضاف جينغفانغ يو، طالب الدراسات العليا في مختبر شرودر والباحث الأول في الدراسة، أن مشتقات السيروتونين الجديدة تؤثر على سلوك التغذية، موضحاً أنه “عندما تفتقر الديدان إلى مادة السيروتونين الذاتية، فإنها تميل إلى التحرك بسرعة وتنقلب بشكل غير منتظم لاستكشاف الطعام”.
تخفيف الشراهة
وشرح جينغفانغ أنه تم اكتشاف أن “هذا السلوك يمكن تخفيفه عن طريق معالجة الديدان بمشتقات السيروتونين، مما يشير إلى أن هذه المركبات التي تم تحديدها حديثاً تساهم في التأثيرات المنسوبة سابقاً إلى السيروتونين.”
تعتبر الدودة C. elegans نموذجاً ممتازاً لدراسة السيروتونين لأن مسارات الإشارات الجزيئية للمركب محفوظة بشكل كبير عبر أنواع الكائنات الحية، بما يشمل البشر.
أسئلة بحثية مهمة
وقال شرودر، وهو أيضاً أستاذ في قسم الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية في كلية الآداب والعلوم بجامعة كورنيل: “يفتح هذا البحث الباب أمام العديد من السبل الأخرى للبحث في البشر” والبحث عن إجابات لأسئلة مهمة مثل: “هل المستقلبات المماثلة مهمة في البشر؟ وما هو دور أحد مسارات التصنيع مقابل الآخر؟ ما مدى أهمية مسارات التصنيع ونواتج الأيض للسلوكيات البشرية، مثل الصحة العقلية وسلوكيات التغذية؟”.
وبالفعل، يستكشف الباحثون حالياً كيفية تأثير مشتقات السيروتونين الجديدة على السلوك في C. elegans وما إذا كانت مستقلبات السيروتونين المماثلة موجودة في البشر.
المصدر: العربية