أخبارأدويةسلايد 1

أول مريض في العالم يتعافى من «السكري»

عانى بريان شيلتون (64 عاماً) من ولاية أوهايو الاميركية، لما يقرب من 50 عاماً، السكري من النوع الأول، المرض المزمن الذي يدمّر الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، ما يجبر الشخص على الاعتماد على الأنسولين الذي يتم إعطاؤه عن طريق الحقن أو مضخة الأنسولين للبقاء على قيد الحياة.

لكن القدر ابتسم لشيلتون أخيراً، فقد أسهم علاج جديد- لايزال قيد الدراسة والبحث- في شفائه بشكل كامل، ليكون الحالة الأولى في العالم التي تُشفى من السكري بشكل كامل.

كيف بدأت رحلة العلاج؟

كان شيلتون يعاني كثيراً عندما ينخفض مستوى السكر في دمه، حيث فقد وعيه مراراً من دون سابق إنذار في أي مكان، مما اضطره إلى التقاعد بعد ربع قرن في خدمة البريد.

وحينها، أخذته زوجته سيندي شيلتون إلى منزلها في أوهايو، لأنها كانت تخشى تركه بمفرده طوال اليوم، وكثفت كل جهدها للبحث عن علاج مناسب يضمن له الشفاء أو على الأقل تخفيف التداعيات.

وذات يوم، قرأت سيندي دعوة من Vertex Pharmaceuticals للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول للمشاركة في تجربة إكلينيكية تجريها، ضمن اختباراتها لعلاج، جرى تطويره على مدى عقود، من قبل عالم، تعهد بإيجاد علاج للسكري من النوع الأول بعد إصابة ابنه الرضيع وابنته المراهقة بهذا المرض المدمر.

وكان السيد شيلتون أول مريض يحصل على حقنة من الخلايا الجذعية، حيث حفزت خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين التي يفتقر إليها، ونمت مرة أخرى في جسمه، فأصبح يتحكم تلقائياً في مستويات الأنسولين والسكر في الدم.

نتيجة لا تُصدَّق

زوجة شيلتون لم تصدق أن زوجها أصبح أول شخص يتعافى من مرض السكري بعلاج جديد، يمثل الأمل لـ 1.5 مليون شخص في أميركا فقط. أما السيد شيلتون فقال: «إنها معجزة».

وأصيب خبراء السكري بالدهشة، لكنهم حضّوا على توخي الحذر، حيث إن الدراسة على العلاج مستمرة وستستغرق خمس سنوات، وتشمل 17 شخصاً يعانون حالات شديدة من مرض السكري من النوع الأول.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركة لن تعلن عن سعر علاجها حتى تتم الموافقة عليه، ومن المحتمل أن يكون باهظ الثمن، وفق صحيفة نيويورك تايمز.

وقال د. إيرل هيرش خبير السكري في جامعة واشنطن: «كنا نبحث عن شيء كهذا يحدث فرقاً لعقود»، وهيرش متشوق لرؤية النتيجة تتكرر عند العديد من الأشخاص، وما إذا كانت هناك آثار ضارة غير متوقعة، أو إذا كانت الخلايا ستستمر مدى الحياة، فإنه يعتبر النتيجة مع شيلتون مذهلة.

أما الدكتور بيتر بيتلر خبير مرض السكري في جامعة كاليفورنيا، فرأى: «أن تكون قادراً على التخلص من مرض السكري من خلال إعادة الخلايا المفقودة إلى الجسم نتيجة رائعة، تصل إلى حد المعجزة. الأنسولين بات متاحاً للمرة الأولى منذ 100 عام».

وأوضح أنه على عكس داء السكري من النوع الثاني الأكثر شيوعاً واعتدالاً، فإن النوع الأول قاتل بسرعة ما لم يحصل المرضى على حقن الأنسولين، ولا أحد يتحسن تلقائياً.

هكذا بدأت الفكرة

بدأت فكرة ذلك العلاج قبل 30 عاماً، من قبل عالم الأحياء دوج ميلتون في جامعة هارفارد، عندما بدأ طفله سام البالغ من العمر ستة أشهر يرتجف ويتقيأ ويلهث.

ذكر ميلتون أن طبيب الأطفال لم يكن يعرف ماذا حل بسام، فنقل هو وزوجته جيل أوكيف الطفل إلى مستشفى بوسطن للأطفال، وكان ارتفاع السكر لديه أبرز علامة.

كانت رعاية طفل مصاب بهذا المرض مرعبة، حيث اضطرت أوكيف إلى وخز أصابع وأقدام طفلها لفحص سكر الدم أربع مرات في اليوم، ثم كان عليها أن تحقنه بالأنسولين.

وبمرور الوقت، أصيبت ابنتهما إيما، التي تكبر سام بأربع سنوات، بالمرض أيضاً، عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها.

كان ميلتون يدرس تطور الضفادع، لكنه تخلى عن هذا العمل، وصمم على إيجاد علاج لمرض السكري، فاهتم بالخلايا الجذعية الجنينية، التي لديها القدرة على أن تصبح محل أي خلية في الجسم، بهدف تحويلها إلى خلايا «جزيرة» المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، لعلاج المرضى.

لكن كانت إحدى المشكلات مصدر الخلايا، لأنها من بويضات مخصبة غير مستخدمة في عيادة الخصوبة، ورغم أن الرئيس جورج دبليو بوش منع استخدام الأموال الفدرالية لإجراء أبحاث على الأجنة البشرية عام 2001، فقد اضطر ميلتون إلى فصل مختبر الخلايا الجذعية الخاص به عن أي شيء آخر في جامعة هارفارد، وحصل على تمويل خاص من معهد هوارد هيوز الطبي وجامعة هارفارد ومحسنين.

وبعد عشرين عاماً نجح المختبر في تحويل الخلايا الجذعية بنجاح إلى خلايا جزيرية، ويقدّر ميلتون تكلفة المشروع بنحو 50 مليون دولار.

كان التحدي الأكبر لميلتون هو معرفة تسلسل الرسائل الكيميائية التي ستحول الخلايا الجذعية إلى خلايا جزيرة تفرز الأنسولين.

وتضمن العمل كشف التطور الطبيعي للبنكرياس، ومعرفة كيفية تكوين الجزر في البنكرياس، وإجراء تجارب لا نهاية لها، لتوجيه الخلايا الجذعية الجنينية إلى جزر صغيرة رغم أنها كانت تسير ببطء.

المصدر: القبس

إغلاق