صحة الأطفال

الطفل الأناني

” الطفل الأناني “ بصفتك “ماما” قد تكوني سمعتي أو عشتي تجربة بالفعل مع هذه الصفة المزعجة عند أحد أطفالك أو أطفال المقربين منكِ، لكن هل تعتقدي أنكِ قد تكوني سبباً في هذه المشكلة دون أن تدري؟ قد يكون هذا صادم لكِ لكن بالفعل قد يكتسب الطفل هذه الصفة الذميمة من خلال أسلوب التربية والمعاملة معه سواء من أفراد الأسرة أو خارجها. ويبقى السؤال كيف تلاحظين أن سلوك طفلك يحتاج لتقويم؟ وكيف تتعاملين معه بخطوات ثابتة وواضحة؟!

كم مرة سمعتي من طفلك جملة “مش عايز حد يلعب بلعبي، دي لعبي أنا لوحدي!” موقف محرج ومزعج لأي أم طفلها أصبح يتمتع بصفة الأنانية وحب التملك، فأنتِ كأم بالطبع تحبين طفلك وتتمني أن تعطيه كل ما لديك وبالتأكيد تشعرين أنه يستحق أكثر، لكن دون قصد قد يصل هذا الشعور إلى طفلك بشكل عكسي ويؤثر عليه تأثير سلبي ويُكسبه صفة الأنانية! وبالتالي يتحول لشخص نرجسي يشعر أنه أفضل من الآخرين وأنه يمتلك امتيازات للفوز بكل شيء يريده. “حب طفلك يعتبر من الأمور الصحية والجيدة جداً، لكن أن تفكر في أن طفلك أفضل من غيره من الأطفال فهذا قد يؤدي إلى النرجسية، وبالتأكيد لا يوجد أي شيء صحي أو جيد في النرجسية” هذا ما قاله Dr/ Brad Bushman أستاذ التواصل الإجتماعي وعلم النفس في جامعة “Ohio State”.

ماذا تعني الأنانية ؟ الأنانية تعني الإهتمام الزائد بالنفس فقط دون النظر للآخرين، وتشير لحب التملك وكره المشاركة مع الغير .. فالفكرة بصفة عامة تدور حول حب الحصول على أي شيء للنفس، وعلى النقيض فإن عكس الأنانية هو التضحية لكن قد تطور هذه الصفة أيضاً للتضحية بالنفس وإعطاء كل ما نملك للآخرين حتي من الممكن أن يتطور الأمر أيضاً لأن يضحي الشخص باحتياجاته الخاصة ويفضل الآخرين على نفسه.

بالتأكيد في موضوعنا هنا لا نعني ذلك فمن المفترض أن يكون الطفل غير أناني، أي أنه يحب المشاركة مع غيره ولا يشعر بالغيرة تجاههم، لكن يجب أن يكون أيضاً حريص ولا يفرط في حقه للآخرين وهنا يأتي دور الأسرة في التوجيه الصحيح وتعديل السلوك بشكل صحي وفعال لضبط الميزان، لضمان أن يبقى الطفل في المنتصف لا أناني ولا مضحي بنفسه من أجل الآخرين.

الأنانية عند الأطفال في دراسة قام بها بعض الباحثون لقياس نسبة النرجسية عند الأطفال، وجدوا أن الأطفال في الأعمار الصغيرة أي من بداية أعمارهم وحتى يصلوا لعمر الخمس سنوات تقريباً هما نرجسيون بالفطرة لكن يكون هذا من خلال شعور بريء ناتج عن المرحلة العمرية التي يمروا بها، فعلى سبيل المثال إذا سألت الأطفال في هذا العمر من هو الجيد في مادة معينة فسوف يقومون جميعاً برفع أيديهم لأن الأطفال في الطبيعي لن يقوموا بعمل المقارنة فهو يركز مع ذاته فقط ولن يفهموا شيئاً عن مقارنة أنفسهم بغيرهم إلا في حوالي عمر الثامنة!

الطفل الأناني وأسباب هذه الصفة المزعجة من الطبيعي أن الطفل في بداية عمره يكون اهتمامه منصب حول نفسه ومتمركز حول ذاته لكن مع الوقت والنضج يتحول التمركز حول الذات للتمركز حول الذات والآخرين في نفس الوقت، أما إن حدث عكس ذلك؟ فهناك عدة أسباب قد تساعد في تطور ونمو شعور وسلوك الأنانية عند طفلك دون أن تدري وتُكسبه صفة الطفل الأناني وقد يكون الوالدين أنفسهم أحد هذه الأسباب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .. تابعوا لتكتشفوا الأسباب.

الإهمال: فالطفل إذا شعر منذ نشأته بإهمال الأسرة وعدم الانتباه له خاصة عندما يكون في حالة غضب أو قلق، فسوف تزداد لديه دوافع الاهتمام بالنفس والتمركز حول ذاته أكثر والتركيز على تصرفاته وممتلكاته وأشيائه الخاصة فقط كالألعاب دون النظر للآخرين .. وفي هذه الحالة يكون شعور الطفل طبيعي فهو يعوض به نفسه عما يفقده من اهتمام وحب من جانب الأسرة.

التدليل المبالغ فيه: فتدليل الطفل بشكل مفرط ومبالغ قد يكون سبباً آخر للأنانية، حيث أن العناية الزائدة بالطفل وعدم وضع حدود معينة له في التعامل تجعل الطفل لا ينظر ولا يبالي إلا لنفسه فقط. وهذا الشعور ينمي داخله حب الذات بصورة أكبر، ويشعر بأن الكون كله يتمحور حوله فقط وسيصبح مهوساً بنفسه، وبالتالي لن يتشارك مع غيره، بالإضافة إلى أنه في هذه الحالة قد يتعلم عدم الإنضباط أيضاً بجانب الأنانية.

عدم العدل بين الأخوة: أيضاً في حالة عدم اتباع أسلوب عادل في التعامل بين الأطفال الأخوة سواء من الأباء أو الأمهات، فسوف ينمي ذلك الأنانية لدى الطفل لتعويض الظلم الذي يتعرض له من معاملة والديه، بالإضافة إلى أن سلوك الغيرة سيتطور لديه تجاه أخوته ولن يشاركهم أي شيء بالطبع. ضعف الثقة بالنفس: ففي حالة عدم شعور الطفل بالثقة في نفسه فلن يكون لديه ذكاء إجتماعي أو تواصل مع الآخرين وبالتالي سيعاني من عدم فهم الآخرين أو فهم مشاعرهم وفي هذه الحالة سيلجاً للإنعزال والأنطواء، ولن يحب أن يشارك غيره أي شيء، وسيفضل الاهتمام بنفسه وأشيائه الخاصة فقط ولن يسمح لأحد التقرب منه وسيصبح أنانياً، لذلك لابد أن تدعم ثقة الطفل بنفسه.

التقليد الأعمى: فقد يكون الأباء أنفسهم هم مصدر إصابة الطفل بالأنانية، وذلك في حال كان الآباء أنفسهم أنانيون ويتصرفون بأنانية وحب ذات خلال التعاملات اليومية وبما أن الطفل يرى أبويه قدوة ومثل أعلى له فسوف يقوم بتقليدهم تقليد أعمي، أيضاً إذا شاهد مثل هذه التصرفات الأنانية في الأماكن التي يتردد عليها مثل الحضانات أو المدارس أو النوادي فسوف تتطور أيضاً لديه صفة الأنانية.

خطوات تعديل سلوك الطفل الأناني إذا كنتي تبحثين عن طرق لتعديل سلوك طفلك الأناني لتعيدي تقوم سلوكه مرة أخرى، فهذا شيء مذهل، لكن أولاً يجب أن تجتمعي أنتي ووالد الطفل على قلب رجل واحد، لتضعوا قدمكم على أول خطوة من الطريق الصحيح، وأول هذا الطرق هو الانتباه لهذه النقاط جيداً:

يجب أن تكونوا مدركين بالفعل أن الأنانية سلوك غير هين ويجب الوقوف عنده وأنه مشكلة كبيرة وليست كما تظنوا مرحلة وستمر. أن تكونوا جادين في العلاج ولا تتسامحوا أبداً مع أي موقف أناني يقوم به الطفل بعد الآن. يجب أن تعرفوا أن الأمر لن يكون سهلاً في بداية الأمر حتى لا تملوا وتخسروا من أول جولة، كما أن الأمر سيزداد صعوبة كلما كان طفلكم مدللاً ومعتاد على تلبية كل أوامره وطلباته، لذلك يجب أن تكونوا أذكى من طفلك واستعدوا جيداً.

يجب أن تكونوا حازمين مع تصرفاته وتراعوا كل كبيرة وصغيرة، وتكونوا متوقعين وجاهزين لأي شيء أو ردة فعل من قبل الطفل.

ابدأوا بالتوجيه وإذا لم يستجب لأي طريقة من الطرق التي ستتبعوها، حينها فكروا في تطبيق العقاب عليه.

الخطوات الـ 7 لتقويم السلوك:

الوصول لجذور المشكلة: لابد أن تقوموا أولاً بالبحث عن أسباب وجذور المشكلة التي يعاني منها طفلكم وتعرفوا السبب الرئيسي وراء أنانيته، لذلك قوموا بإعداد قائمة من الأسباب المتوقعة لهذا السلوك سواء من المنزل أو الأشخاص والأصدقاء المحيطين به أو من المدرسة، وإذا لاحظتم أن سلوك الأنانية اكتسبه مؤخراً فلابد أن تراجعوا ما تغير على طفلكم في آخر فترة، لتضعوا يدكم على المشكلة.

عدم التسامح مع السلوك الأناني: لابد أن تكونوا واضحين مع أنفسكم أولاً قبل طفلكم وتأخذوا قرار بعدم التسامح إطلاقاً مع أي موقف أو فعل أناني من الطفل مهما كان الأمر، ويجب أن تقوموا بتوصيل هذه الصورة للطفل لكي يستوعبها ويعرف أن هذا السلوك لن يتم التهاون معه، كونوا حازمين وثابتين على موقفكم، ولابد أن تقوموا بتوجيهه مع كل موقف يتصرف فيه بأنانية وشرح أبعاد هذا الموقف وعواقبه لكي يعرف أن ما بدر منه كان خطأً، ووضحوا له بشكل صريح أن هذا الفعل غير مقبول وأنكم غير موافقين عليه كلياً.

تعليمه علم التعاطف: فالطفل لابد أن يتعلم كيف يتعاطف مع الآخرين، وأن يضع نفسه مكانهم، لأن الأطفال الذين يضعون أنفسهم مكان غيرهم ويشعرون بألمهم واحتياحاتهم تتطور لديهم صفة الكرم ويكون غير أنانين، لذلك عليكم أن تعلموا طفلك فن التعاطف وأن تشيروا دائماً لمشاعر الآخرين أمامه. يمكنكم أيضاً أن تنموا ذلك لديه بالإشارة إلى تعبيرات وجوه الآخرين من حوله وتساعدوه على فهم كل تعبير أو سلوك بدر منهم لكي يستوعب ويفهم الفرق بين المشاعر المختلفة وبين الحزن والفرح والسعادة وغيرهم. أيضاً يمكنكم أن تلاعبوا مع الطفل لعبة التخيل، وذلك من خلال أن يتخيل نفسه مكان شخص آخر، وتجعله يتخيل شعوره حينها إذا تعرض لنفس الموقف الذي يتعرض له هذا الشخص .. هذا سيساعدكم كثيراً في تقويم سلوكه.

تعليمه نكران الذات: فلابد للأباء أن يشيروا للطفل على السلوك الأناني ويشرحوا له عكس هذا السلوك وهو نكران الذات، وذلك من خلال دعم المواقف الإيجابية لديه فإذا قام بشيء إيجابي وغير أناني وظهر في موقف ما كريماً، فيجب أن يقوموا بمدحه وشرح تأثير هذا الموقف الجميل على الآخرين، لتجلعه يبدو فخوراً وسعيداً، وبهذا سيكرر الطفل هذه المواقف مرة أخرى.

وضع قيود وحدود: الطفل تتطور لديه صفة الأنانية إذا اعتاد على التدليل والحصول على كل ما يريده، لذلك لابد أن تقوموا بوضع حدود وقيود محددة وواضحة له ومناسبة لعمره كي لا يتخطاها، ويجب أن تتمسكوا بها ولا تستسلموا له مهما حدث، وانتبهوا لأن الطفل قد يلجأ لحيل أخرى للحصول على ما يريد مثل البكاء والغضب، لكن لابد أن تكونوا حازمين  .. لكي يفهم أنه لا يمكن أن يحصل على أي شيء أو ما يريد وقتما يشاء، وعلى الأشخاص المحيطين بكم أيضاً أن يأخذوا نفس طريقتكم في التعامل لكي لا يضيع ما تفعلوه معه هباءً.

كن قدوة ومثل أعلى له: الأطفال دائماً ما يبحثون عن قدوة ومثل أعلى، وخير قدوة لهم هما الآباء، فتعلموا كيف تقودوا طفلك بشكل إيجابي من خلال المواقف الإيجابية أمامه، علموه بشكل غير مباشر من خلال تصرفاتكم مع الآخرين والتعامل بكرم معهم، وقموا بلفت انتباهه دائماً للأعمال الصالحة والكريمة التي تترك آثر جيد في نفوس الأخرين، شاركوا الغير أمامه ليتعلم أيضاً كيف يكون متعاون ويتشارك مع غيره، فلابد أن تكونوا أنتم أولاً نموذج جيد يحتذى به وبالتالي سيقلدكم ويصبح غير أناني.

قم بمكافئة طفلك: لابد أن تشجعوا طفلكم وتكافئوه في حال قيامه بموقف غير أناني لتنموا لديه داوفع الاستمرار على هذا الطريق، وأخبروه أن موقفه هذا جيد هذه المرة وتكلموا معه عن الموقف باستفاضه واسمعوا منه لماذا قام بذلك لتعززوا لديه الثقة بالنفس وأيضاً لتشجيعه على تكرار مثل هذه المواقف.

المصدر: كل يوم معلومة طبية

إغلاق