أخبار
اكتشاف أكبر بكتيريا في العالم يضاهي حجمها رمش العين.. أين؟
هذه بكتيريا لم يسبق أن رأيت مثلها قبلًا، ومردّ ذلك على الأرجح، إلى أنه يصعب رؤية جميع أنواع البكتيريا المعروفة حتى الآن، من دون استخدام مجهر مركّب قوي.
وكشفت دراسة نشرت في مجلة Science الخميس، أنه عثر حديثًا على بكتيريا كبيرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وشبيهة شكلًا وحجمًا برمش العين، في إحدى جزر الأنتيل الصغرى، الغوادلوب.
وأطلق عليها اسم Tiomargarita magnifica في إشارة إلى حجمها الاستثنائي، إذ يبلغ متوسط طول الخلية أكثر من 9 آلاف ميكرومتر، أي قرابة 1 سنتيمتر (0.4 بوصة)، فيما يبلغ طول خلايا غالبية أنواع البكتيريا الأخرى نحو 2 ميكرومتر، رغم أنّ بعض الخلايا تتمتع بحجم أكبر قد يصل طولها إلى 750 ميكرومتر.
وأشار جان-ماري فولان، المؤلف المشارك في الدراسة، وعالم الأحياء البحرية والعالم في مختبر كاليفورنيا لأبحاث الأنظمة المعقدة، وعضو في معهد الجينوم المشترك التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، أنّ طول T. magnifica قد يصل إلى سنتيمترين.
وأوضح لـCNN الأربعاء، أنّه “بغية فهم مدى ضخامتها مقارنة مع أنواع البكتيريا الأخرى، إنّ الأمر مماثل للعثور على كائن بشري طوله يناهز ارتفاع جبل إيفرست”.
وأفادت الدراسة إلى أنه في وسع طول T. magnifica أن يحوي أكثر من 625 ألف من البكتيريا الإشريكية القولونية. لكن رغم حجمها، إلا أنّ سطحها “نقي بشكل ملحوظ”، وخالٍ من البكتيريا التي تعيش على سطح النباتات والحيوانات الحية.
كيف تحافظ على حجمها؟
كان ثمة اعتقاد سابقًا بأنّ البكتيريا لا يمكنها النمو كي تبلغ حجمًا يمكن رؤيته بالعين المجردة، بسبب كيفية تفاعلها مع بيئتها وإنتاجها للطاقة.
لكن T. magnifica تتمتّع بشبكة ممتدة من الأغشية التي يمكنها إنتاج الطاقة، فلا تعتمد فقط على سطح البكتيريا لامتصاص العناصر الغذائية من خلال خليتها.
وكان فولان قادرًا على تصور ومراقبة الخلايا العملاقة في صورة ثلاثية الأبعاد من خلال الاستعانة بالتصوير المقطعي بالأشعة السينية، والفحص المجهري بالليزر متحد البؤر، والمجهر الإلكتروني النافذ، وفق ما ورد في بيان صحفي.
وخلافًا لمعظم البكتيريا التي تحتوي على مادة وراثية تعوم بِحرّية داخل خليّتها الوحيدة، فإن خلية T. magnifica تضم الحمض النووي الخاص بها الموزّع على أكياس صغيرة لكل منها غشاء، يطلق عليه اسم بيبان Pepins.
وأوضح فولان أنّ “هذا الاكتشاف مثير جدًا للاهتمام لأنه يشرّع الباب على كثير من الأسئلة الجديدة، فهذا أمر غير تقليدي انطلاقًا من متابعتنا للبكتيريا. فهي تتمتع بإحدى سمات الخلايا الأكثر تعقيدًا، تلك التي تشكل أجسامنا والحيوانات والنباتات”.
وأضاف: “على سبيل المثال، نريد أن نفهم ما هي تلك البينات وما وظيفتها تحديدًا، وما إذا كانت تلعب دورًا بتطور نمو البكتيريا الضخم”.
وورد في الدراسة أنّ T. magnifica اكتُشفت للمرة الأولى تنمو كخيوط بيضاء رفيعة، على أسطح أوراق المنغروف المتحلّلة في مستنقعات المنغروف البحرية الاستوائية الضحلة في غوادلوب.
وقال فولان إنّ هذه البكتيريا العملاقة تنمو على الرواسب في قاع المياه الكبريتية، حيث تستفيد من الطاقة الكيميائية للكبريت، وتستخدم الأكسجين من المياه المحيطة لإنتاج السكريات. كما في وسع T. magnifica أيضًا تصنيع الطعام من ثاني أكسيد الكربون.
ولفت فولان إلى أنه نظرًا لحجمها الذي يفوق بكثير البكتيريا المتوسطة، فقد تتمتّع خلية T. magnifica بقدرة أفضل للوصول إلى كل من الأكسجين والكبريت في آن، ضمن بيئتها.
ويرجّح أيضًا أن يكون حجم خلايا T. magnifica مقارنة مع الميكروبات الأخرى في التجمعات البكتيرية، يشي بألا داعي للقلق بشأن أكلها من قبل الحيوانات المفترسة.
تعتقد تانيا وويكي، من كبار مؤلفي الدراسة، وكبيرة العلماء بمختبر لورانس بيركلي الوطني في كاليفورنيا، أنه يحتمل إيجاد هذه البكتيريا العملاقة، أو فصيلة مشابهة لها، في مستنقعات مانغروف أخرى حول العالم.
وقالت وويكي، التي ترأس برنامج الجينوم الميكروبي الملحق بمعهد الجينوم المشترك التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، لـCNN الأربعاء: “يذهلني دومًا مدى ضآلة ما نعرفه عن عالم الميكروبات، وكم المعلومات الموجودة فيه”، مضيفة أن عالم الميكروبات “لا يزال صندوقًا أسود”.
وخلُصت الدراسة إلى أن “النزعة للتأكيد المتصل بحجم البكتيريا حال دون اكتشاف فيروسات عملاقة لأكثر من قرن”. وأضافت: “يشي اكتشاف Ca. T. magnifica إلى أنّ البكتيريا الكبيرة والمركّبة قد تكون مختبئة في مرمى البصر”.
ولفتت وويكي “لأننا لم نرها بعد، لا يعني ذلك أنها غير موجودة”.
المصدر: CNN عربي