أدوية

لقاح جديد يقضي على الأورام السرطانية.. ويمنع عودتها

يعمل الباحثون في جميع أنحاء العالم منذ سنوات على تطوير لقاحات ضد أنواع مختلفة من السرطانات، ولكن لم يحققوا النجاح المأمول. أما الآن، فقد ابتكر باحثون بكلية تافتس للهندسة في ولاية ماساتشوستس الأميركية طريقة لاستهداف السرطان في الفئران بلقاح قوي ودقيق للغاية، حيث يقضي على الأورام ويمنع تكرارها مجدداً.

يعمل لقاح السرطان بشكل مشابه للقاحات كورونا التي صنعتها شركتا فايزر وموديرنا، حيث تنقل الرنا المرسال في فقاعات دهنية صغيرة (جزيء دهني) تندمج في النهاية مع الخلايا في الجسم، مما يسمح للخلايا بقراءة الرنا المرسال وإنتاج مستضدات فيروسية، وهي أجزاء صغيرة من فيروس ينشط جهاز المناعة.

واكتشف الباحثون أن وصول الرنا المرسال إلى الجهاز اللمفاوي، المكان الذي يتم فيه تدريب الخلايا المناعية على محاربة الأورام، جعل الاستجابة أكثر قوة بشكل ملحوظ، وفق الدراسة التي نشرت في مجلة PNAS الأكاديمية الأميركية للعلوم.

ويقول كياوبينغ شو، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية: «ما نقوم به الآن هو تطوير الجيل التالي من لقاحات الرنا المرسال باستخدام تقنية توصيل الجسيمات النانوية الدهنية، مع القدرة على استهداف أعضاء وأنسجة معينة»، مضيفاً «لقد ساعدنا استهداف الجهاز اللمفاوي في التغلب على العديد من التحديات التي واجهت الآخرين في تطوير لقاح للسرطان».

تم تسجيل أكثر من 20 لقاحاً من لقاح الرنا المرسال للسرطان حتى الآن في التجارب السريرية، ولكن عادة ما ينتهي المطاف بالكثير من الرنا المرسال في الكبد، في حين أن المستضدات المنتجة في الكبد يمكن أن تحفز الاستجابة المناعية، ولا يزال هناك خطر من التهاب الكبد وتلفها.

يمكن أن تكون الاستجابة أكثر فاعلية وطويلة الأمد، إذا تم توجيه المزيد من اللقاح إلى الجهاز اللمفاوي، حيث تتركز الخلايا البائية والخلايا التائية والخلايا الأخرى في الجهاز المناعي، وتتعلم محاربة الدخلاء غير المرغوب فيهم.

كان الدكتور كياوبينغ شو وفريقه قد صمموا سابقاً الجسيمات النانوية الدهنية، التي يرمز لها بـLNPs، والتي تعمل على نقل الجينات على شكل فقاعات إلى الدماغ والكبد، وقاموا بذلك من خلال تعديل التركيب الكيميائي للدهون التي تشكل الفقاعات، بالإضافة إلى المواد المضافة الأخرى، حتى وجدوا مزيجاً يعمل على نقل الرنا المرسال إلى الجهاز اللمفاوي بدل نقله إلى الكبد.

يعد الجهاز اللمفاوي، الذي يتضمن العقد اللمفاوية المألوفة التي غالباً ما تنتفخ أثناء الإصابة، هدفاً مهماً للقاحات، وللشرح بطريقة مبسطة، يقول العلماء: إذا كان الجسم مثلاً ميدان معركة، فستكون الفيروسات والبكتيريا والطفيليات والأورام هي الأعداء الدخيلة، والخلايا البائية والخلايا التائية هي جنود، فإن العقد اللمفاوية هي المعسكر التدريبي، حيث يتم تدريب الخلايا البائية والخلايا التائية على أن تكون أكثر فعالية ضد الأورام.

مع وصول المزيد من اللقاح إلى العقد اللمفاوية، اكتشف باحثو جامعة تافتس أن لقاح السرطان قد تم امتصاصه من قبل حوالي ثلث الخلايا المناعية المتخصصة، وهذا أكثر بكثير مما تم الحصول عليه من خلال اللقاحات التقليدية التي تستقر في الكبد.

ويعني ذلك المزيد من الجنود المدربين من الخلايا البائية والتائية، واستجابة أكثر فعالية ضد الأورام التي تحمل المستضد نفسه الموجود في اللقاح.

أظهرت الفئران المصابة بسرطان الجلد النقيلي، التي عولجت باللقاح الموجه إلى الجهاز اللمفاوي، تثبيطاً كبيراً للأورام ومعدل استجابة كاملاً، مع عدم عودة الورم على المدى الطويل، عندما تم دمجها مع علاج آخر موجود يساعد في الوقاية من السرطان.

جميع الفئران التي كانت في حالة هدوء تام منعت أي أورام جديدة من التكون عند حقنها لاحقاً بخلايا الورم النقيلي، مما يدل على أن لقاح السرطان أدى إلى ذاكرة مناعية ممتازة.

ويقول جينجين تشين، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة تافتس، «لطالما كانت لقاحات السرطان تمثل تحدياً لأن مستضدات الأورام لا تبدو دائماً غريبة، مثل المستضدات الموجودة على الفيروسات والبكتيريا، ويمكن للأورام أن تمنع الاستجابة المناعية بفاعلية».

وأضاف: «لقاح السرطان هذا يثير استجابة أقوى بكثير، وهو قادر على حمل الرنا المرسال لكل من المستضدات الكبيرة والصغيرة. ونأمل أن يصبح منصة عالمية ليس فقط للقاحات السرطان، ولكن أيضاً للقاحات أكثر فعالية ضد الفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى».

نتائج من الدراسة

◄ اللقاح الجديد مشابه للقاحات كورونا التي صنعتها شركتا فايزر وموديرنا

◄ معظم لقاحات السرطان الأخرى تستقر في الكبد ما يرجح إصابتها بالتلف

◄ تقنية الرنا المرسال حفزت الخلايا المناعية على محاربة الأورام بشكل أكبر

◄ فريق البحث نجح في توجيه مكونات اللقاح لتستقر في الجهاز اللمفاوي بدل الكبد

◄ العقد اللمفاوية هي المعسكر التدريبي حيث يتم تدريب الخلايا لتكون أكثر فعالية ضد الأورام

◄ اللقاح الجديد يثير استجابة أقوى بكثير وهو قادر على حمل الرنا المرسال لكل من المستضدات الكبيرة والصغيرة.

 

المصدر: القبس

إغلاق