دراسات وبحوث

علماء: معدلات الذكاء ربما لا تنخفض مع التقدم في العمر.. ولكن!

تبلغ معدلات نوع معين من الذكاء ذروتها في العشرينات لكن ينبغي ابتكار طرق جديدة للتقييم تعتمد على المقارنة بين فئات عمرية مختلفة

يمكن أن يكون الكثير منا على دراية بفكرة أنه مع تقدمنا في السن، نصبح أقل رشاقة ذهنيًا، لكن هل يمكن قياس هذا التراجع أو بكلمات أخرى هل ينخفض معدل الذكاء لدينا مع تقدم العمر؟

قياس معدل الذكاء

وفقا لتقرير نشره موقع “Science Alert”، سعى خبراء في الذكاء وعلوم السلوك وعلم النفس للإجابة عن هذه التساؤلات والذين بدأوا بتقديم تعريف لمعدل الذكاء وكيفية قياسه، إذ يقول مايكل توماس، خبير في علم النفس وعلم الأعصاب من جامعة بيركبيك في إنجلترا، إن معدل الذكاء هو “متوسط الدرجات التي يتم الحصول عليها عبر عدد من المهام، مقارنة بمدى أداء الآخرين.”

يضيف بروفيسور توماس أن اختبارات الذكاء تقوم بتقييم قدرات مختلفة مثل مدى احتفاظ المخ بالمعلومات وتعلمها، والتفكير المجرد، والمعالجة البصرية المكانية، موضحاً أن حاصل الذكاء يشير إلى درجة معيارية بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين في نفس عمر الشخص، الذي أجرى الاختبارات. فإذا كان ذكاؤه متوسطاً بالنسبة لعمره، فستكون درجة ذكائه 100. وإذا كانت أعلى من المتوسط فستكون أعلى من 100 وأقل من المتوسط أقل من 100.

سبب ثبات معدل الذكاء

يقول بروفيسور توماس إذا تم إجراء اختبار الذكاء بين الحين والآخر، أي إذا أجرى الشخص اختبارًا آخراً في غضون 10 سنوات، فمن المحتمل أن تكون درجة معدل الذكاء لديه متشابهة جداً. ويرجع السبب في ثبات المعدلات إلى أنها يتم قياسها دائماً بالمقارنة مع الأشخاص الآخرين في نفس السن.

يشرح بروفيسور آلان كوفمان، الخبير في اختبارات الذكاء من جامعة ييل في الولايات المتحدة، أنه “يتم دائماً احتساب معدل الذكاء بالنسبة إلى عمر الشخص، سواء كان ذلك العمر 10 أو 15 أو 25 أو 50 أو 72 أو 88. لذلك يُقارن الأشخاص البالغون من العمر 25 عاماً بعمر 25 عاماً من حيث عدد العناصر، قائلاً “إنهم يجيبون بشكل صحيح في أي مهمة معينة، تماماً كما يُقارن من هم في سن الخمسين بعمر الخمسين عاماً الآخرين”.

ويضيف كوفمان أنه “بالنسبة لكل فئة عمرية، يتم تحديد متوسط معدل الذكاء عند 100. لكن لا يمكننا مقارنة متوسط معدل الذكاء عبر الفئة العمرية للبالغين لأنه – بحكم التعريف – يبلغ متوسط كل مجموعة 100”.

طرق قياس مختلفة

ولقياس مدى تغير معدل الذكاء بمرور الوقت، بحسب ما ذكره كوفمان، نحتاج إلى أن نكون قادرين على مقارنة معدل ذكاء كبار السن مع نظرائهم الأصغر سنًا. ويكون هذا الأمر غير ممكناً عادة بسبب طرق القياس والاختبار وبالتالي فإن هناك حاجة إلى طريقة مختلفة لقياس معدلات الذكاء بين الفئات عمرية مختلفة مثل فئة الشباب أو كبار السن.

ويشرح كوفمان قائلًا إن”أول شيء يتعين علينا القيام به هو إيجاد “معايير قياس” مشتركة لمقارنة البالغين، موضحًا أنه سيمكن من خلالها مقارنة أداء الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 70 و60 و50 و40 عامًا، في ضوء معايير مرجعية يتم تحديدها لمرحلة الشباب.

يقول كوفمان: “في بحثي، حددنا الشباب على أنهم حوالي 30 عامًا (عادة ما تكون أعمارهم من 25 إلى 34). وبهذه الطريقة، سيكون متوسط معدل ذكاء الشباب 100 لأن هذه هي الطريقة التي يتم بها تطوير المعايير. عندما نقارن البالغين عبر العمر الافتراضي للشباب البالغين سيخبرنا كيف يتغير معدل الذكاء مع تقدمنا في السن”.

أنواع عديدة للذكاء

يقول كوفمان إنه عند إجراء هذه الاختبارات، “يتضح، في المقام الأول، انخفاض واضح [في معدل الذكاء]، لكن لا تنخفض كل أنواع الذكاء بنفس المعدل، حيث أن اختبارات الذكاء تقوم بتقييم أنواع عديدة من الذكاء وتجمعها معاً.

الذكاء العالمي

يضيف كوفمان أن “الذكاء العالمي عبارة عن مزيج من أنواع مختلفة من الذكاء، وأكثرها شيوعاً التي تمت دراستها هو الذكاء الانسيابي والذكاء المتبلور اللذين يتم دمجهما معاً – جنباً إلى جنب مع القدرات التي تسمى الذاكرة العاملة وسرعة المعالجة – لإنتاج معدل ذكاء عالمي أو كامل”.

ويشرح قائلاً إن “الذكاء الانسيابي أو التفكير المرن يعكس القدرة على حل المشكلات الجديدة، من النوع الذي لا يتم تدريسه في المدرسة، بينما يقيس الذكاء المتبلور أو المعرفة المتبلورة التعلم وحل المشكلات المرتبطة بالتعليم والثقافة”.

تغيرات بحسب السن

يستطرد كوفمان شارحًا أن هذه الأنواع المختلفة من الذكاء تُظهر أنماطًا مختلفة مع التقدم في السن، فبالنسبة للذكاء المتبلور “يبلغ متوسطه 98 في الأعمار 20-24، ويرتفع إلى 101 في سن 35-44، قبل أن ينخفض إلى 100 (بعمر 45-54)، ثم 98 (55-64)، ثم 96 (65-69)، ثم 93 في عمر (70-74) و88 (لمن تخطوا سن الـ75)”.

الذكاء الانسيابي

ينخفض الذكاء السائل بسرعة أكبر، حيث يكشف كوفمان أنه “يبلغ ذروته في الأعمار من 20 إلى 24 (مسجلًا 100)، وينخفض تدريجيًا إلى 99 بعمر (25–34) و96 لفئة (35-44) عامًا قبل أن يبدأ الانخفاض بقوة إلى 91 بداية من أعمار (45-54) ثم إلى 86 لسن (55-64) و83 (65-69 عامًا) و79 لمرحلة (70-74) العمرية وأخيرًا إلى 72 (لمن تخطوا سن الـ75).”

منتصف العشرينات

يقول بروفيسور توماس إن “أسرع أوقات الاستجابة التي يحصل عليها المرء هي في منتصف العشرينات من العمر، ولكن (طالما أنه لم يصب بالخرف)، فإن معرفته بالمفردات ستزداد طوال حياته. ففي أواخر الستينيات من عمره، تعتمد معظم المهارات المعرفية على ما يُسمى بـ”المعرفة البلورية”، وهي إما أن تزيد أو تكون مرنة للغاية. لكن يمكن أن تنخفض السرعة التي يمكن أن يقوم بها بفعل الأشياء”.

إلى ذلك، فإن الخلاصة هي أن معدل الذكاء الفردي للشخص لن يتغير مع تقدمه في العمر، وإنما في المتوسط تتناقص بعض القدرات والإمكانيات مع التقدم في العمر في ضوء وسائل القياس والتقييم الحالية.

المصدر: العربية

إغلاق