أخبار
عوامل وراثية تهدد الناجين من سرطان الطفولة بالإصابة به لاحقا !؟
ان العوامل الوراثية الشائعة التي تتنبأ بمخاطر الإصابة بالسرطان لدى عامة السكان قد تتنبأ أيضًا بارتفاع خطر الإصابة بسرطانات جديدة بين الناجين من سرطان الأطفال، وفقًا لدراسة أجراها باحثون بالمعهد الوطني للسرطان (NCI).
وتوفر نتائج الدراسة الجديدة التي نشرت بمجلة «Nature Medicine» دليلًا إضافيًا على أن علم الوراثة قد يلعب دورًا مهمًا في تطور السرطانات اللاحقة لدى الناجين من سرطان الأطفال، وتشير إلى أن المتغيرات الموروثة الشائعة يمكن أن تساعد في الفحص والمتابعة طويلة المدى لأولئك الذين هم في أفضل حالاتهم.
ومن المعروف أن الناجين من سرطان الطفولة لديهم خطر أكبر للإصابة بسرطان جديد في وقت لاحق من الحياة بسبب الآثار الضارة لعلاج السرطان أو العوامل الوراثية الموروثة النادرة.
وفي الدراسة الجديدة، قام الباحثون بتقييم التأثير المشترك للمتغيرات الشائعة مع تاريخ العلاج الإشعاعي، فوجدوا أن ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان الناتج كان أكبر من مجموع الارتباطات الفردية للعلاج والعوامل الوراثية وحدها.
ومن أجل المزيد من التوضيح، قال الباحث الرئيسي الدكتور تود م. جيبسون بقسم علم أوبئة السرطان وعلم الوراثة في المعهد الوطني للسرطان «إن المعرفة بالتركيب الجيني للشخص يمكن أن تكون مفيدة في إدارة خطر الإصابة بالسرطان لاحقًا». وقال «نأمل في المستقبل أن نتمكن من دمج علم الوراثة مع التعرض للعلاج وعوامل الخطر الأخرى لتقديم صورة أكثر اكتمالا لخطر إصابة الناجين بالسرطانات اللاحقة للمساعدة في توجيه رعاية المتابعة على المدى الطويل». وذلك وفق ما نقل موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
ولتقييم مساهمة المتغيرات الجينية الموروثة الشائعة في خطر الإصابة بالسرطان لاحقًا لدى الأشخاص الذين نجوا من سرطان الطفولة، استخدم فريق البحث بيانات من دراسات الارتباط على مستوى الجينوم أو (GWAS)، التي أجريت على مجموعات كبيرة من الأفراد الأصحاء. وقد حددت مثل هذه الدراسات الآلاف من المتغيرات الموروثة الشائعة المرتبطة بخطر الإصابة بالسرطانات المختلفة.
وعادة ما تكون المخاطر المرتبطة بمتغير مشترك واحد صغيرة، ولكن يمكن تجميع تأثيرات أعداد كبيرة من المتغيرات في نتيجة موجزة، أو درجة المخاطر المتعددة الجينات، التي توفر تقديرًا أكثر شمولاً للخطر الجيني لشخص ما.
وعلى الرغم من أن درجات المخاطر الجينية أظهرت نتائج واعدة للتنبؤ بمخاطر الإصابة بالسرطان لدى عامة السكان، إلا أنه من غير المعروف ما إذا كانت هذه الدرجات مرتبطة أيضًا بخطر الإصابة بالسرطان لاحقًا بين الناجين من سرطان الأطفال.
ولمعرفة ذلك، نظر الباحثون في العلاقة بين درجات المخاطر المتعددة الجينات وخطر الإصابة بسرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الثدي لدى الإناث، وسرطان الغدة الدرقية، وسرطان الخلايا الحرشفية، وسرطان الجلد، وسرطان القولون والمستقيم بين 11220 ناجيًا من سرطان الأطفال من دراستين أترابيتين كبيرتين.
وبالنسبة لجميع هذه السرطانات باستثناء سرطان القولون والمستقيم، ارتبطت درجات المخاطر المتعددة الجينات المستمدة من GWAS في عموم السكان بخطر الإصابة بهذه السرطانات نفسها بين الناجين من سرطان الأطفال.
ثم نظر الباحثون إلى سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الثدي، وسرطان الغدة الدرقية؛ وهي الأورام الخبيثة التي حدثت في أغلب الأحيان بمجموعة البيانات المجمعة والتي ترتبط بقوة بالعلاج الإشعاعي، لفحص التأثير المشترك لدرجة المخاطر المتعددة الجينات وتاريخ العلاج. فوجدوا أن المخاطر المرتبطة بمزيج من التعرض لجرعة أعلى من الإشعاع وارتفاع درجة المخاطر الجينية كانت أكبر مما كان متوقعًا بناءً على مجرد إضافة ارتباطات المخاطر لكل عامل خطر فردي.
اما بالنسبة لسرطان الخلايا القاعدية فقد ارتبطت درجة المخاطر المتعددة الجينات العالية بزيادة خطر الإصابة بمقدار 2.7 ضعف مقارنة بدرجة المخاطر المنخفضة بين الناجين. كما ارتبط تاريخ التعرض العالي للإشعاع على الجلد بزيادة في المخاطر بمقدار 12 ضعفًا، مقارنة بالتعرض الأقل للإشعاع على الجلد.
ومع ذلك، فإن الناجين الذين لديهم درجات عالية من المخاطر الجينية وجرعات أعلى من الإشعاع على الجلد لديهم خطر متزايد للإصابة بسرطان الخلايا القاعدية بمقدار 18.3 مرة، مقارنة مع أولئك الذين لديهم درجات منخفضة من المخاطر المتعددة الجينات والذين تلقوا جرعات إشعاع أقل على الجلد.
علاوة على ذلك، بحلول سن الخمسين، كان الناجون الذين لديهم درجات مخاطر متعددة الجينات أعلى وتعرضوا لإشعاع أعلى لديهم معدل تراكمي أكبر لسرطان الخلايا القاعدية أو سرطان الثدي أو سرطان الغدة الدرقية مقارنة بأولئك الذين لديهم درجات مخاطر متعددة الجينات أقل أو تعرضوا لإشعاع أقل؛ على سبيل المثال، من بين الناجيات من الإناث اللاتي تعرضن للإشعاع في الصدر، تم تشخيص إصابة 33.9 % من اللاتي لديهن درجة عالية من المخاطر الجينية بسرطان الثدي في سن الخمسين، مقارنة بـ 21.4 % من اللاتي لديهن درجة مخاطر متعددة الجينات منخفضة.
جدير بالذكر، كان أحد قيود الدراسة أن السكان المشمولين في التحليل كانوا في الغالب من أصل أوروبي، لذلك هناك حاجة إلى دراسات إضافية في مجموعات سكانية متنوعة. اضافة الى ذلك، لم يتم بعد استخدام درجات المخاطر الجينية بشكل روتيني في العيادة، على الرغم من أنها قد تفيد في يوم من الأيام طرق الفحص أو القرارات السريرية الأخرى.
وخلص الدكتور جيبسون الى القول «على الرغم من أن هذه النتائج تشير إلى أن درجات المخاطر الجينية يمكن أن تلعب دورًا في تحسين المبادئ التوجيهية للمتابعة طويلة المدى للناجين من سرطان الأطفال الذين تعرضوا للإشعاع، إلا أنها في الوقت الحالي ليست كافية بمفردها لتغيير المبادئ التوجيهية الحالية».