الصحة والجمال
هل يكتسب الطفل مناعة من اللعب في الطبيعة؟
خلال السنوات الأخيرة ظهرت كمية كبيرة من الأبحاث التي تؤكد أن تعريض الطفل في مراحل مبكرة من عمره للجراثيم قد يعزز مناعته وصحته، ويقلل من فرص الإصابة بالأمراض في وقت لاحق من عمره، خاصة أمراض الأزمة والحساسية. وهذا ما يسمى ب ” فرضية النظافة”، والتي تفيد أن الطفل الذي يتعرض بشكل “محدود جداً – معدوم” للجراثيم والأمراض في مرحلة مبكرة من عمره هو الأكثر قابلية لتطوير جهاز مناعة ضعيف عندما يكبر. وتفيد بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين ترعرعوا في مزرعة أو بيئة ريفية أو الذين التحقوا بالحضانة في مراحل مبكرة من حياتهم، كانت نسبة إصابتهم بالحساسية (وغيرها من أمراض جهاز المناعة) أقل من غيرهم.
لكي يتطور أي شيء فهو بحاجة لأن يتفاعل ويتكيف مع عوامل خارجية معينة، وجهاز المناعة ليس باستثناء. فهو بحاجة للتعرض للجراثيم والفيروسات ليطور قدراته الدفاعية ويتكيف ويتعلم مواجهتها كما يجب!
هل كنت تعلم أن الجراثيم مفيدة للجسم؟
1.”توجد الكثير من الجراثيم التي تعيش داخل أجسادنا، وهذه لا تتميز فقط بأنها غير مؤذية بل إن بعضها يعيش في أجسادنا دون أن يسبب لنا أي ضرر يذكر منذ سنوات وعقود!” تبعاً للبروفيسور مارتن بليزر من جامعة نيويورك. ومع زيادة عناية الإنسان بالصحة والنظافة فإن بعض هذه الجراثيم والميكروبات تكاد تختفي، واختفاؤها قد يكون مفيداً وفي ذات الوقت ضاراً” يقول بروفيسور بليزر.
2.إحدى المهام الرئيسية للبكتيريا هي إنضاج الجهاز المناعي، فعندما يولد الطفل يكون جسمه خالياً من أي نوع من الميكروبات ولم يتعرض جهازه المناعي بعد لأي منها، لذا فإن على جهازه المناعي أن يبدأ بالتعرض لها تباعاً لينمي معرفته ومهاراته ويتمكن من تمييز الصديق من العدو لاحقا!
3.تعد الميكروبات من صناع القرار في الجسم حول طريقة تخزين وتصريف الدهون لذا فهي مهمة لتجنب الإصابة بأمراض مثل السكري والسمنة الزائدة.
4.تعيش في أمعائنا جراثيم وميكروبات تساعدنا على هضم الطعام.
هناك نظرية جديدة ومثيرة للاهتمام تفيد أن الجراثيم التي يحتويها التراب قد تكون مفيدة للأطفال. لذا ينصح بعض العلماء أن لا تبالغ بالقلق حال أن يلامس طفلك التراب أو يدوس بأقدامه الحافية على الأرض، أو حتي يلامس الحشرات، بل اجلس وراقبه من بعيد للتأكد من عدم تعرضه لأذى دون مبالغة.
وتضيف أخصائية أعصاب الأطفال الدكتورة شتريت كلين:” الميكروبات، الخضار والفواكه الطازجة من التراب العضوي، الوقت الذي يمضيه الطفل يلعب في الطبيعة، تستطيع هذه جميعها تحسين صحة الطفل بشكل قد يعجز عنه أي دواء”، وتضيف قائلة ” في حفنة صغيرة من التراب، توجد ميكروبات بعدد سكان الأرض، وهذه تجربة رائعة لدماغنا وجهازنا المناعي ليتعامل معها ويتطور تبعاً لذلك!
بل وتنصح الدكتورة شتريت الاباء بمشاركة أبنائهم في اللعب بالتراب وعمل أكوام طينية صغيرة والتمرغ في التراب مع الأطفال إذا أخذتهم الحماسة دون الخوف من أي ضرر! كما تنصحهم بتناول الخضار والفواكه المزروعة في تربة عضوية بالكامل لم يتم تعقيمها بشكل مبالغ فيه.
تفيد بعض الدراسات الحديثة إلى أن القيام بمسح جسد المولود الجديد بفضلات المشيمة الناتجة بعد الولادة قد يساعد جهازه المناعي ويدعمه، فأثناء خروج الطفل من رحم الأم فإن جلده وأنفه وعينيه وكافة أعضائه الخارجية تكون مغطاة بهذه الفضلات والتي تعتبر أول ميكروبات مفيدة لمناعة الطفل يتعرض لها عند قدومه لهذا العالم. بل يذهب بعض العلماء للاعتقاد بأن عدم تعرض الأطفال المولودين بعملية قيصرية لهذه الفضلات، هو إحدى أسباب زيادة فرص تعرضهم لأمراض مثل الربو والتوحد وغيرها.
نصائح للاباء والأمهات
1.عليكما أن تجدا التوازن المطلوب في هذا كله كما كافة أمور الحياة الأخرى، لا تبالغا في نظافة الطفل ولا تهملاها كذلك، فعندما نقوم بتنظيف البيئة المحيطة بالرضيع بشكل مبالغ فيه ظناً منا أننا نحميه من المرض، يغيب عنا أن ندرك أن ما نفعله قد يكون له تأثير عكسي تماماً، نحن بتصرفاتنا تلك قد نحرم الطفل من الفرصة لبناء جهاز مناعة قوي! علينا أن نميز بين الميكروبات التي يمكن تعريض الطفل إليها والفيروسات المؤذية التي علينا إبعاده عن مصادرها!
2.لا تفرطا في استخدام المضادات الحيوية كلما مرض الطفل، فهذا له أضرار كثيرة، استشيرا الطبيب أولاً!
3.بينما قد لا يستدعي الأمر تعقيم كل الأسطح وكل ما يضعه الطفل في فمه أو يلامسه إذا كان يلعب في حديقة المنزل أو فنائه، إلا أن لعبه في محطة للباصات أو القطارات يستدعي ذلك! فقيامك بمسح الأسطح التي يلامسها طفلك في الأماكن العامة لا يعتبر مبالغة بل ضرورة لأن العدوى تنتقل وبسرعة في الأماكن العامة!
4.على الطفل دوماً أن ينظف يديه قبل وبعد الأكل واستخدام الحمام وملامسة الشخص المريض.
5.للحفاظ على سلاسل الميكروبات التي بقيت في أجسادنا منذ عهود ابائنا حية وصحية ومفيدة، احرص على تناولك طعام يغذيك ويغذي هذه الميكروبات المفيدة مثل الأطعمة التي كان يتناولها اباؤنا وأجدادنا من قمح وأرز وحبوب كاملة وغيرها.