فرط التحسس (Hypersensitivity) عبارة عن ردود فعل لجهاز المناعة تسبب ظواهر غير مرغوب بها تشمل تضرر الأنسجة والأمراض المتعددة. هذه الظواهر المرضية الناجمة عن نشاط جهاز المناعة تسمى ظواهر فرط التحسس (Hypersensitivity). حيث ان جهاز المناعة يحمي الجسم من الأجسام الضارة الخارجية وخاصة الملوثات.
والسبب الأكثر شيوعا لحدوث ظواهر فرط التحسس هي عدم تمييز جهاز المناعة احيانا بين الأجسام الذاتية وبين الأجسام الغريبة (الدخيلة). هذا التمييز يشكل صفة ضرورية لجهاز المناعة لضمان آداء وظيفي سليم، وحتى لا يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الأنسجة الذاتية. هذا الفشل في التحمل الذاتي والذي بسببه تظهر ردود الفعل التحسسية ضد الجسم نفسه تظهر على شكل سلسلة أعراض سريرية تعرف بأمراض المناعة الذاتية (Autoimmune diseases).
أمراض فرط التحسس من الممكن أن تحدث بسبب رد فعل مناعي مفرط ضد مسببات خارجية مثلما هو الحال مع أمراض الحساسية. أمراض الحساسية المفرطة تشمل أعراض مرضية متنوعة وكثيرة. العاملان الأساسيان اللذان يحددان الشكل المرضي الخاص بفرط التحسس هما: نوع الاستجابة المناعية التي تضر بالأنسجة، وصفات مسبب المرض (مستضد – Antigen) والذي يشكل الهدف الذي يهاجمه جهاز المناعة، وموضعه. وبحسب هذا صنفت أمراض فرط التحسس لأربع أنواع:
1. فرط التحسس الفوري (Immediate hypersensitivity) هي الآلية التي تسبب امراض الحساسية مثل التهاب الأنف، والربو أو التي تسبب لرد فعل تحسسي منتشر بالعديد من أجهزة الجسم والتي يطلق عليها تفاعل تأقّي (Anaphylactic reaction).
ردود الفعل هذه هي دلالة على وجود أجسام مضادة من مجموعة (IgE) والموجودة على سطح الخلايا البدينة المتواجدة في العديد من أنسجة الجسم، وخاصة تلك الخلايا المتعرضة للعالم الخارجي. التقاء هذه الأجسام المضادة مع المستضد القادم من الخارج مثل بذور الزهور، مركبات الغذاء، الأدوية وغيرها، تسبب بتفعيل الخلايا البدينة وإفراز الوسائط الكيميائية المتعددة والتي تسبب تضرر الأنسجة، بحيث تؤدي لظهور الظواهر المرضية المختلفة المميزة للحساسية. هذه الظواهر معرفة على أنها فرط التحسس من نوع 1.
2. أجسام مضادة والتي ليست من عائلة (IgE) بإمكانها أن تضر بالأنسجة عن طريق تجنيد وتنشيط الخلايا الالتهابية، عن طريق إخلال النظام الطبيعي لعمل الخلايا في الأنسجة المتضررة. مثلا، الأجسام المضادة الموجهة ضد مركبات متواجدة بغشاء كريات الدم الحمراء بإمكانها أن تضر بأداء الخلية ومن الممكن أن تسبب تحللها (الوضع الذي يسبب فقر الدم الانحلالي) عن طريق تنشيط خلايا أو أنظمة إنزيمية تكون مرتبطة بجهاز المناعة. هذه الظواهر تم تصنيفها على أنها ظواهر فرط التحسس من نوع 2.
3. أجسام مضادة أخرى يمكنها أن تنشئ مجمعات مناعية (مجموعات من الأضداد والمستضدات) القابلة للذوبان والتي تسير مع مجرى الدم، وتترسب في الأنسجة المختلفة والمتعددة وخاصة بجدار الأوعية الدموية. هذا الترسب الذي يثير رد فعل التهابي يسبب تضرر الأنسجة، والملاحظ بأمراض متعددة مثل التهاب الأوعية الدموية (Vasculitis)، أو التهاب كبيبات الكلى (Glomerulonephritis). الأمراض التي تحدث بسبب المجموعات المناعية تصنف على أنها نوع 3 من فرط التحسس.
4. تضرر الأنسجة الناتج عن تنشيط الخلايا والتي ليست أجسام مضادة، والمعروفة على أنها فرط التحسس الآجل (Delayed hypersensitivity) مصنفة على أنها نوع 4 من فرط التحسس. في مثل هذه الحالات تقوم الخلايا اللمفاوية من نوع T بالرد ضد المستضد الخاص عن طريق إفراز وسائط كيميائية متعددة بحيث تسبب تضرر الأنسجة. بحيث تظهر اثار التحسس بعد عدة ساعات وحتى ايام معدودة من بعد التعرض للمستضد بخلاف الوضع في فرط التحسس من النوع 1 اذ تكون ذروة التحسس بعد عدة دقائق .
أمثلة على فرط التحسس الآجل هي حساسية الجلد بعد اللمس (Contact dermatitis) والتي تتميز بردة فعل التهابية عقب تلامس الجلد مع مادة خارجية مثل المعدن، أو المواد التجميلية وغيرها، أو ردة الفعل الملاحظة من بعد حقن الجلد بمستضد معروف بالنسبة لجهاز المناعة مثل اختبار تشخيص السل (Tuberculin/Mantoux).
يتم تشخيص حالات فرط التحسس عن طريق اختصاصي الحساسية وتشمل فحص الماضي المرضي بشكل دقيق، وإجراء فحوصات للجلد وفحوصات الدم لمعرفة نسبة الإيزونفيلات ومستوى الأجسام المضادة من نوع (IgE).