الدم والمناعةسلايد 1
تلوث الدم
تلوث الدم (تجرثم الدم – bacteremia) هو عبارة عن دخول الجراثيم اٍلى مجرى الدم. فالدم سائل معقم ولذا يمكن لدخول الجراثيم الى مجرى الدم أن يؤثر سلبا، وبشكل كبير، على صحة الاٍنسان.
هناك فرق يجب ملاحظته بين الحالة التي يقوم فيها جهاز المناعة الطبيعي في الجسم بالقضاء على العدوى وتعقيم الدم من جديد، وبين الوضع الذي تقوم به الجراثيم الموجودة في مجرى الدم باٍثارة ردة فعل اٍلتهابية كبيرة وحدوث اٍنتان (sepsis). الاٍنتان هو وضع يشكل خطرا على الحياة، ويستوجب المكوث في المستشفى وتلقي العلاج الفوري. يجب تجنب هذا الوضع من خلال تقديم العلاج المبكر لتجرثم الدم قبل تطوره اٍلى اٍنتان.
وهناك خطر انتقال الجراثيم الموجودة في الدم الى مناطق مختلفة في الجسم والاستقرار فيها والتسبب بأمراض معينة مثل ظهور خراج (abscess) في أحد الأعضاء، التهاب القسم الداخلي من القلب الذي يدعى التهاب الشغاف (endocarditis)، التهاب العظم والنقي (osteomyelitis) وغيرها.
تجرثم الدم هي ظاهرة شائعة جدا. هنالك تقارير تفيد باصابة نحو نصف مليون شخص بتجرثم الدم سنويا في الولايات المتحدة. هنالك مجموعات معينة من السكان معرضة أكثر من غيرها للاٍصابة بتجرثم الدم وهي الرضع، المسنون، مرضى الايدز، المرضى الذين تم استئصال طحالهم ومرضى السرطان الذين يتلقون العلاج الكيميائي (chemotherapy). كلما اشتدت الاصابة في عمل الجهاز المناعي هكذا يزداد خطر الاٍصابة بتجرثم الدم. هنالك عدة مسببات مختلفة لتجرثم الدم، بما في ذلك، الجراثيم ايجابية الغرام (gram positive) وسلبية الغرام (gram negative). يساعد صبغ الغرام (gram stain) في تحديد المجموعة المناسبة. حيث يوجد لهذا التحديد أهمية كبرى في ملائمة العلاج بالمضادات الحيوية.
في كثير من الأحيان يكون مصدر الجراثيم، أعضاء الجسم الداخلية. وفي حالات أخرى يكون نتيجة عدوى من مصدر خارجي (مثل الجلد)، وأيضا من المهم الاٍشارة اٍلى ميل الجراثيم للاٍستقرار على الرقع الاٍصطناعية (graft) مثل أنبوب القثطرة (catheter) (أنابيب بلاستيكية أو مصنوعة من السليكون التي تبقى في الجسم لاهداف علاجية)، صمامات قلب اصطناعية، ناظمة قلبية (Pacemaker)، طعوم عظمية وغيرها.
مجموعة خاصة، معرضة أكثر من غيرها للاٍصابة بتجرثم الدم، تشمل الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات بالحقن، وذلك لأنهم غالبا يدخلون الجراثيم بشكل مباشر الى اجسامهم خلال استعمال تقنيات حقن غير معقمة. يحدث تجرثم الدم أيضا بنسبة كبيرة وسط ضحايا الحروق، حيث أن تجرثم الدم هو أحد الأسباب الشائعة للمرض والموت لديهم.
أعراض تلوث الدم
ألأعراض المبكرة التي تظهر لدى المصابين بتجرثم الدم هي أعراض مرضية عامة: شعور عام غير جيد، ضعف، تعب، اٍرتباك، غثيان، تقيؤ و/أو فرط التهوية (hyperventilation). في مراحل متقدمة يمكن ان تظهر أعراض أخرى مثل الحمى، القشعريرة، التعرق، وأيضا تململ (restlessness) نتيجة لاٍنخفاض حرارة الجسم، هبوط في ضغط الدم والاٍصابة بصدمة (shock). هذه الحالات تكون مصحوبة عادة بمعدلات عالية جدا من المرض والموت مما يستوجب تقديم علاج فوري ومكثف. الإنتفاض (Chills) الذي يظهر في هذه الحالات يكون مصحوبا عادة بظهور طقطقة في الاسنان. في الحالات الوخيمة التي تزداد بها سرعة القلب (heart rate) وعدد الانفاس، يمكن أن يظهر طفح جلدي ومشاكل في تخثر الدم، فضلا عن الاٍصابة بفشل مجموعي.
تشخيص تلوث الدم
يعتمد التشخيص على ايجاد جراثيم في المستنبتات الدموية. مع ذلك، يميل الأطباء الى بدء العلاج بالمضادات الحيوية قبل الحصول على نتائج المستنبتات، وذلك بسبب خطر تدهور حالة المريض اذا لم يتلقى علاجا في مرحلة مبكرة. في بعض الحالات تنمو الجراثيم في المستنبت نتيجة لعدوى موضعية أو بسبب زرع غير معقم للمستنبت، وليس نتيجة لوجود جراثيم في مجرى الدم (هذا ما يسمى بتجرثم الدم الزائف). بالإمكان اليوم زرع الجراثيم في اطباق مخبرية هوائية (حيوائية) ولا هوائية (لا حيوائية).
علاج تلوث الدم
يعالج تجرثم الدم، اساسا، بالمضادات الحيوية. في البداية تعطى مضادات حيوية تجريبية (empirical) اٍعتمادا على تخمين مصدر العدوى (مثل المسالك البولية، كيس المرارة، الرئات)، ولكن بعد الحصول على نتائج المستنبتات يمكن تغيير العلاج وملائمته لنتائج اختبار تحسس الجراثيم للمضادات الحيوية (antibiogram) (طريقة مخبرية تفحص مدى حساسية الجراثيم للمضادات الحيوي المختلفة).
الفحصوات المخبرية وحالة المريض السريرية من شأنها أن تساعد في معرفة مدى استجابة جسم المريض للعلاج أو وجود حاجة لتغيير العلاج. في حال وجود خراج (ABSCESS) أو جسم غريب، ينبغي التفكير في اٍجراء عملية جراحية لاٍزالة كتلة الجراثيم.
يساعد التدخل المبكر وتقديم العلاج المجموعي في السيطرة على العدوى، ولكن يجب التذكر دائما أن تجرثم الدم يؤدي لنسبة عالية من المراضة والوفيات.