أمراضسلايد 1

أورام عصبية صماوية

أورام عصبية صماوية (Neuroendocrine tumors) وتشكل مجموعة من الأورام المكونة من خلايا عصبية صماوية تنتشر في جميع أعضاء الجسم وتشكل الجهاز العصبي الصماوي (system Neuroendocrine). هذه الخلايا موجودة في الغدد الصماوية (Endocrine glands) التي تفرز الهرمونات (البنكرياس – Pancreas, الغدة الكظرية – Adrenal gland, الغدة النخامية – Hypophysis, الغدة الدريقية – Parathyroid gland) وكذلك في أعضاء غير صماوية (الرئتان, الجهاز الهضمي, ألجلد, الكبد , قنوات المرارة  وغيرها).

تسمى الخلايا العصبية الصماوية بهذا الاسم نظرا للشبه بينها وبين الخلايا الصماوية الظهارية (Epithelial endocrine cell) التي تتكون منها غدد الإفراز الداخلي، من جهة، وبينها وبين الخلايا العصبية (Neuron)، من الجهة الأخرى. فهي كما الخلايا الصماوية الكلاسيكية، تحتوي على هرمونات، إضافة إلى البروتينات، التي هي ليست هرمونات تمتاز بها الخلايا العصبية.

الأورام العصبية الصماوية عديدة وتختلف من حيث موقعها, سلوكها وأسمائها, ولكن من الممكن تصنيفها إلى مجموعتين أساسيتين، طبقا لشكلها كما يظهر عند النظر إليها بالمجهر الضوئي (Optical microscope): أورام في صورة ظهارية وأورام في صورة خلايا عصبية.

هذان النوعان من الأورام هي، في الغالب، أورام خبيثة أو أورام من المحتمل أن تصبح خبيثة.

أورام على شكل الظهارة: من بين الأورام الظهارية، فقط أورام الغذة النخامية (Pituitary Adenoma) وأورام الغدة الدرقية (Thyroid adenoma) هي أورام حميدة تتميز بالنمو البطيء وانعدام النقائل (Metastasis). الأورام الغدية (Adenoma) تشبه، في مبناها المجهري وخصائصها الهرمونية, نسيج العضو الذي انبثقت منه.

أكثر الأورام السرطانية خباثة (Malignancy) في المجموعة الظهارية هو سرطان عصبي صماوي ذو خلايا صغيرة (Small cell carcinoma Karkinos ـ “كاركينوس”: سرطان باللغة اليونانية القديمة). هذا الورم يتكون من خلايا عالية الكثافة ذات هيولي (Cytoplasm) خفيف جدا, لها نويات صغيرة تنقسم بوتيرة مرتفعة (إشارة إلى تكاثر سريع للخلايا), ومن مناطق نخرية (أنسجة ميتة) واسعة. ورم من هذا النوع قد يتكون ويتطور في أي عضو من أعضاء الجسم لكنه شائع جدا في الرئتين وله علاقة واضحة ووثيقة جدا بالتدخين.

يشكل هذا النوع من الأورام حوالي 15% – 25% من مجمل الأورام في الرئتين, وهو النوع الذي يتميز بالتطور المبكر للنقائل (Metastasis) وبنسبة الوفيات المرتفعة من جرائه. وهو سرطان ذو خلايا صغيرة، حسّاس للعلاجات الكيماوية ولذلك من المهم تمييزه عن السرطانات الرئوية الأخرى.

وثمة ورم عصبي صماوي ظهاري آخر هو السرطاوي (Carcinoid). بالرغم من مظهره الحميد، إلا أنه ورم ذو احتمالية بيولوجية لإرسال ونشر نقائل. والسرطاوي شائع جدا في الرئتين ويشكل نسبة 1% – 2% من مجمل الأورام الرئوية. الورم الذي يحتل المرتبة الثانية من حيث سعة الانتشار هو الورم الذي يصيب الجهاز الهضمي.

تصنف الأورام السرطاوية (Carclnoids) إلى مجموعتين: الأورام النموذجية والأورام غير النموذجية. السرطاوي النموذجي يرسل النقائل في نحو  15% من الحالات، تقريبا، ويسبب الوفيات بنسبة 3% من الحالات خلال خمس سنوات من موعد تشخيص المرض. وخلافا للسرطاوي النموذجي، الذي يتمتع بمظهر حميد،  فإن السرطاوي غير النموذجي يحتوي على انقسامات قليلة في الخلايا، كما يحتوي على نخر (موات الأنسجة – Necrosis) في بعض الأحيان. السلوك البيولوجي للورم السرطاوي غير النموذجي هو سلوك هجومي ويرتبط بنسبة وفيات مرتفعة تبلغ نحو 40% من الحالات خلال خمس سنوات.

بعض الأورام السرطاوية، وخاصة منها تلك التي ترسل نقائل إلى الكبد، قد تؤدي إلى ظهور المتلازمة السرطاوية (Carcinoid syndrome) التي تتميز نوبات احمرار الجلد, الصفير عند التنفس, قصور الجانب الأيمن من القلب (Right – sided heart failure), الإسهال وأوجاع البطن. هذه المتلازمة تنجم عن إنتاج مفرط من هرمون السيروتونين.

الأورام التي لها شكل الخلايا العصبية (Neuron): غالبية الأورام العصبية الصماوية التي تنتمي إلى هذه المجموعة هي أورام على درجة عالية من الخباثة (Malignancy), تصيب الدماغ وأعضاء الحواس، بصورة أساسية.

في هذه المجموعة يوجد نوعان فقط من الأورام التي لها سلوك بيولوجي حميد, أو ان لديها احتمالا كامنا لتصبح أوراما خبيثة، وهما: ورم القواتم (Pheochromocytoma) وورم المستقتمات (Paraganglioma).

قد تحدث حالة ينشأ فيها ورم عصبي صماوي في الغدة الدرقية, في الغدة النخامية وفي الغدة الكظرية  في الوقت نفسه تماما. هذه الظاهرة تسمى متلازمة “تكوّن الأورام الصماوية المتعددة” (Multiple Endocrine Neoplasia – MEN). هذه المتلازمة قد تكون عرضية أو وراثية.

هنالك ثلاثة أنواع من “تكون الأورام الصماوية المتعددة” التي من المتبع تعريفها حسب مجموعات الأعضاء التي تظهر فيها الأورام العصبية الصماوية.

تشخيص أورام عصبية صماوية

يتم تحديد تشخيص الأورام العصبية الصماوية حسب مبناها الميكروسكوبي المميز لها: خلايا الأورام العصبية الصماوية تظهر مرتبة بشكل أشبه بجدران, أشرطة, أعشاش أو زنابق. هذه البنى تتواجد داخل أنسجة ضامة (Connective tissues) ذات أوعية دموية حساسة, أو في داخل نسيج ليفي عصبي. في الحالات التي يكون من الصعب فيها تشخيص الأورام، تتم الاستعانة بصبغات الكيمياء الهيستولوجية المناعية (Immunohistochemical) وبأساليب جزيئية حديثة، وذلك بالإضافة إلى الفحص المجهري.

لقد أسهمت الأبحاث الأخيرة في مجال البيولوجيا (علم الأحياء) الجزيئية كثيرا في فهم التغيرات الجينية التي تحدث في بعض الأورام العصبية الصماوية, مثلا، تبين أن ظهور الأورام العصبية الصماوية في الرئتين يرتبط، بشكل مثابر، نسبيا، بظهور خلل في كروموزوم (صبغي) 3 من خلايا الورم. ومثال آخر هو حدوث تطوير تحسيني بين صبغي (كروموزم) 11 وصبغي (كروموزوم) 22 في خلايا الأديم العصبي الظاهر البدائي (Primitive neuroectodermal tumor – PNET). نتيجة لهذا التحسين يظهر ناتج جيني محدد يشكل مؤشرا هاما جدا في عملية التشخيص.

ومن المؤكد أن الأبحاث الجينية – الوراثية المستقبلية ستساهم في التشخيص, في المعالجة وفي القدرة على توقع السلوك البيولوجي لمجموعة الأورام العصبية الصماوية والتي تشكل موضع خلاف طبي اليوم.

إغلاق