القلب والرئةسلايد 1
الالتهاب الوعائي
مجموعة فرعية لمجموعة التهابات الأوعية الدموية تدعى الالتهاب الوعائي (Vasculitides). تضم هذه المجموعة ما يقارب العشرين نوعا من أنواع الالتهابات التي تشمل التهاب الأوردة والشُرَينات والشعيرات الدموية. أما التهاب الشريان الصدغي (Temporal Arteritis) والتهاب الشرايين تاكاياسو (Takayasu Disease) فإنها تصيب الشرايين الكبيرة.
التهاب الشريان الصدغي (temporal arteritis) مرض التهابي يصيب الشرايين الكبيرة ولا يزال سبب الاصابة بهذا المرض مجهولا. للمرض أسماء إضافية يعرف بها الْتِهابُ الشريان ذو الخلايا العملاقة Giant cell arteritis أو الْتِهابُ شَرايينِ القِحْف Cranial arteritis. اما نسبة انتشار المرض فتبلغ إصابة واحدة لكل ألف شخص ممن بلغوا سن الخمسين وما فوق, وينتشر المرض خاصةً بين السيدات. يعد هذا المرض واسع الانتشار نسبياً (عند المقارنة مع أمراض التهابات الأوعية الدموية الأخرى) ويقدر عدد المصابين به بين 14-16 مليون شخص في العالم. يصاب 10%-15% من هؤلاء المرضى بأعراض ألم العضلات الروماتزمي (Polymyalgia rheumatic – PMR).
يتسم هذا المرض بظهور التهاب في الشرايين مصاحبًا بازدياد سُمك جدرانها, وتضيق تباعاً فتسد تجويف الأوعية الدموية. تصيب هذه الظاهرة مجموعة الشرايين السباتية (common carotid artery) وشرايين الرأس. ينعكس هذا المرض بآلام في الرأس, ألم في الأصداغ (Temporal) ومؤخرة الرقبة, ألام في فروة الرأس (scalp) ومشاكل في الرؤية تتضمن: فقدان البصر المفاجئ (كُمْنَه عابرة) (Amaurosis fugax) , ازدواج الرؤية, جحوظ في الجفنين (Ptosis), تشوش الرؤية وكذلك الشعور بآلام عند مضغ الطعام. كما تسبب علامات عامة تشبه تلك التي تظهر عند الإصابة بمرض التهاب الشريان الصدغي: التهاب المفاصل, الاجهاد وفقدان الوزن. عند إجراء المعاينة الجسدية من الممكن ملاحظة تورّم في منطقة الصدغين عند التحسس والشعور بآلام على امتداد الشريان. في بعض الاحيان من الوارد ايضا سماع نفخات قلبيه بمحاذاة الشرايين المصابة. في 99% من الحالات تظهر تحاليل المختبر سرعة تسرب الدم التي تتعدى ال 100 ملم في الساعة وكذلك تظهر الإصابة بفقر الدم.
يرتكز تشخيص مرض التهاب الشريان الصدغي (TA) على اخذ خزعة (biopsy) من الشرايين المصابة وفحصها بالمجهر.
لا حاجة لانتظار نتائج فحص العينة للبدء بالعلاج. إذ لا تظهر التأثيرات العلاجية إلا بعد ثلاثة أيام من بدء العلاج بالستيرويدات (Steroides) , الأمر الذي يضمن عدم تشويش نتائج فحص العينة بالمجهر. للوقاية من فقدان البصر يجب إتباع العلاج بالستيرويدات فور الشك بالإصابة بالمرض. على المريض أن يبدأ بأخذ جرعات كبيرة من الستيرودات مع تخفيف الجرعة تدريجياً مع مرور الوقت. تكون الاستجابة للعلاج سريعة ويشعر المريض بالتحسن (يشمل التحسن معظم أعراض المرض) بعد مرور 24 ساعه من بدء العلاج. قد تصل فترة العلاج الى سنة تقريبا وفي معظم الحالات قد تتجاوز السنة ويستمر المرضى بتلقي جرعات قليلة من الستيرودات.
التهاب الشرايين تاكاياسو (Takayasu disease – TD) : يصيب هذا المرض الشريان الأبهر وتفرعاته. ولم يتضح حتى الآن ما هو المسبب لذلك. هنالك أسماء إضافية للمرض منها: مُتَلاَزِمَةُ قَوسِ الأَبْهَر (Aortic arch syndrome) ، خَثْرَةٌ سادَّة (Occlusive thromboaortopathy)، وداءُ انْعِدامِ النَّبْض (Pulsesless disease) . تشير التقارير الى ان هذا المرض منتشر في إرجاء العالم إلا إنه أكثر انتشارا بين السيدات من أصول آسيوية. ترتفع نسبة اصابة السيدات بهذا المرض الى تسعة اضعاف أكثر من نسبة إصابة الرجال, كما يظهر المرض عند الأشخاص بسن 15-30. اكتشفت عام 1908 أول حالة لهذا المرض على يد طبيب ياباني يدعى تاكاياسو (Takayasu). يعتبر المرض نادراً إذ تحدث إصابة أو إصابتين بين كل مليون شخص سنوياً.
مع بداية الإصابة بالمرض، قد تظهر لدى 50% من المصابين، أعراض تتمثّل بالحمى، التعرق الليلي, فقدان الوزن, آلام في المفاصل والشعور بالاجهاد. في بعض الاحيان قد يصاب المريض بفقر الدم وارتفاع ملحوظ في تحليل ERS. تمر هذه المرحلة وأعراضها بالتدريج ويليها ظهور انسداد بالشريان الأبهر وفروعه. تشير التقارير إلى أن نصف المرضى يتوجهون للطبيب بعد الاحساس بتغيرات تتعلق بإنسداد الشرايين. تعتبر فروع قوس الأبهري سريعة التأثر والضرر بشكل خاص. قد يسبب المرض حدوث فقدان الوعي أو نوبات إقفارية عابرة في الدماغ (Transient ischemic – TIA). ومن الأعراض الأخرى التي قد تظهر لدى المصاب، آلام في اللثة عند المضغ أو التحدث, آلام في اليدين, تشوش الرؤية, توسع الشريان الأبهري في أجزائه المختلفة, ارتفاع ضغط الدم بسبب تضيّق شرايين الكلى. قد يصاب المريض ايضا بقصور في القلب اثر ارتفاع ضغط الدم عند عدم اتباع علاج دوائي لموازنته. عند الإصابة بهذا المرض، قد تصاب شرايين الرئة وتسبب ارتفاع ضغط الدم في الرئتين.
عند إجراء الفحوصات البدنية، يمكن ملاحظة الهبوط الملموس في النبض داخل الشرايين المصابة، وقد ينعدم النبض أحيانا. وفي بعض الاحيان لا يتسنى قياس ضغط الدم في الجزء العلوي للجسم. كما من الوارد سماع نفخات قلبيه بمحاذاة الشرايين المصابة. قد تصل نسبة النجاة من المرض إلى 95% في السنوات الخمس الأولى من الإصابة بالمرض، وذلك عند عدم تطور أعراض جانبية هامة. بينما تنخفض نسبة النجاة إلى 50%-70% خلال السنوات الخمس التي تلي الإصابة، لدى المرضى المصابين بأعراض جانبية صعبة (سكتة دماغية strok, احتشاء عضلة القلب Myocardial infarction, ارتفاع ضغط الدم الذي تصعب موازنته, أو فشل في القلب heart failure, أو توسّع في الأبهري (أم الدم الأبهرية – Aortic aneurysm).
في المرحلة الحادة للإصابة يتم علاج المرض بواسطة جرعات كبيرة من الستيرويدات, وتخفيضها، لاحقاً، بشكل تدريجي. في حالات قليله يتم العلاج بالسِيكْلُوفُسْفاميد (Cyclophosphamide). عند وجود شك بالإصابة بمرض إفقاري (ischaemic heart disease) يتم اضافة الدواء وارفارين (مانع لتخثر الدم) (Warfarin) أو “الاسبرين” (Aspirin). كما يتوجب على المريض إتباع علاج دوائي لموازنة ضغط الدم. من الممكن في المراحل المتقدمه للمرض ان يتم اجراء علميه جراحيه في الشرايين لإعادة تروية الشرايين المسدودة.
يتوجب اجراء عملية جراحية عند الاصابة بتمدد في الاوعية الدمويه سواءً في الشريان الابهر او في الشرايين الاخرى. يتم توسيع الشرايين الضيّقة بواسطة عملية القسطرة والتي تحسّن مؤقتاً حالة المريض بشكل ملحوظ.