سلايد 1مخ وأعصاب

أمراض متقدرية

المتقدّرة (Mitochondrion) هي عُضيّ (Organelle) موجود داخل هَيولي (cytoplasm) الخلايا, يبلغ طوله حوالي 2 ملم وعرضه حوالي 0,5 ملم. الجوف الداخلي للمتقدّرة يحتوي على فواصل (Partitions) متشعبة تعرف باسم الأعراف (جمع عُرف – Crista), والتي تشكل طيّات الغشاء الداخلي لهذا العُضيّ, وهي قابلة للنفاذ بصورة انتقائية جدا بالنسبة للجزيئات التي تستطيع أن تعبر من خلالها. في داخل المتقدّرة  يجري جزء من التفاعلات الأكثر أهمية في عملية الأيض (metabolism), مثل دورة حمض الليمون, سلسلة إنزيمات التنفس وكذلك المنظومة الحيوية المعروفة باسم متوالية الأكسدة البيتائية (Beta oxidation), والتي مهمتها  فتق / شطر الأحماض الدهنية لتكوين كمية كبيرة من الطاقة، من خلال تشكيل جزئيات ATP الغنية بالطاقة. التليّف (Cirrhosis) الأولي في الأقنية الصفراوية (Cholangiole) قد ينجم عن مرض مناعة ذاتية (Autoimmune disease) تردّ فيه الأضداد ضد المتقدّرة. وقد تبين، مؤخرا, أن المستضدّ / مولّد المضاد (Antigen) المتقدّري الذي تعمل ضده الأضداد هو M2، وهو مركب من مركبات الإنزيمات من عائلة نازعات الهيدروجين (Dehydrogenases) الفاعلة في المتقدّرة, والمرتبطة بعمليات الأكسدة – الاختزال (Oxidation – reduction – أكسدة اختزالية).

تحتوي كل متقدرّة على عدد من الصبغيات (Chromosomes) الدائرية المشفّرة  للرنا المِرسال (Messenger RNA – mRNA) بالإضافة إلى 13 بروتينا حيويا لتفاعلات الفسفتة الأكسديّة (Oxidative phosphorylation), البالغة الأهمية في المتقدّرة. تشفير الصبغيّات المتقدريّة فريد من نوعه, ووراثتها هي وراثة أنثوية، بشكل قاطع، وليست بحسب قوانين الوراثة المندليّة (Mendelian inheritance). وهذا نظرا لاحتواء البويضة على عدة آلاف النسخ من الحمض النووي المتقدّري, فيما يساهم الحيوان المنوي (Sperm) ببضع مئات منها فقط، ولهذا فإن تأثير الأخير على النمط الجينيّ (Genotype) الناتج هو ضئيل. أحد الأمراض النموذجية لطفرات الحمض النووي المتقدّري هو خلل في الأعصاب (اعتلال عصبي – Neuropathy) موروث خاص بالرؤية على اسم ليبر (leber’s disease), وهو عمى يصيب في الأساس الذكور الشباب. الأنسجة المرتبطة جدا بالفسفتة الأكسديّة, مثل جهاز الأعصاب والقلب, حساسة جدا لطفرات المتقدرة.

ثمة مرض عيون آخر، هو التهاب الشبكية الصباغي (Retinitis pigmentosa), الذي يحصل خلاله تنكّس (Degeneration) بطيء للشبكية وصولا إلى العمى، ويظهر مصحوبا باعتلال عصبي ورَنـَح (فقد الانتظام – Ataxia), ينجم هو الآخر عن طفرة في الحمض النووي المتقدريّ. وكذلك ثمة متلازمة أخرى تظهر قبل سن الـ 20 عاما, هي متلازمة كيرنز- ساير (Kearns – Sayre syndrome) مع إصابة بشبكيّة العين, مصحوبة أحيانا بانسداد التوصيل الكهربيّ في القلب, متلازمة دماغية ومحتوى بروتيني مرتفع في السائل النّخاعي (Cerebrospinal fluid). لدى قسم كبير من المرضى المصابين بهذه المتلازمة يمكن أن يظهر، أيضا، فقدان سمع, خلل عقلي, قامة قصيرة وحماض لاكتيكي (Lactic Acidosis).

هنالك عدد قليل من أمراض العضلات المعروفة التي تنشأ على خلفية طفرات في الحمض النووي المتقدريّ, تتعلق بعيوب في سلسلة التنفس المتقدريّة، منها: العَوَز (Deficiency) الأولي للكارنيتين (Carnitine), عَوَز الإنزيم نازع الهيدروجين لأسيتيل التَّميم A )Acetyl – CoA(, خلل في إنزيمات ناقلة كارنيتين – بالميتويل (Carnitine – Palmitoyl transferase) أو بمجموع الإنزيمات نازعة هيدروجين البيروفات (Pyruvate dehydrogenase). هذه العيوب مرتبطة بمتلازمة عصبية تصاحبها صعوبات في الحركة, رَنَح, اعتلال عصبي أو متلازمة لِي (Leigh syndrome). عيوب مباشرة في سلسلة التنفس المتقدريّة, مثل عَوَز تميم الإنزيم Q Coenzyme) Q)، نقص الأكسدة – الاختزال للمركب Coenzyme Q – NADH, عَوَز الإنزيم المتقدريّ نازعة هيدروجين السّكسينات (Succinodehydrogenase) وعَوَز الإنزيم المؤكسد للسيوكروم Cytochrome C) C), كل هذه تؤدي إلى صور مختلفة من الاعتلال العضلي (Myopathy) أو خلل في أداء العضلات.

وثمة، أيضا، مجموعة كبيرة من خِلال الأيض تتمثل لدى الرضّع مع عجز حركي أو عقلي, هي عبارة عن أمراض اختزان (Storage disease) لأحماض عضوية (Organic Acids) ناجمة عن خلل في الإنزيم المتقدريّ المشارك بصورة سليمة بتأشّب (Recombination) هذه الأحماض في مركبات أيضية مختلفة. مثلا, احْمِضاضُ الدَّمِ الإيزوفاليريكي (Isovaleric academia), فَرْطُ حَمْضِ غلوتاريكِ الدَّم (Glutariacidemia), احْمِضاضُ الدَّمِ البروبيونيكي (Propionic academia), احْمِضاضُ الدَّمِ الميثيلمالونيكي (Methylmalonic academia).

إغلاق