مخ وأعصاب

شريحة دماغية تمكِّن مريض التصلب الجانبي الضموري من التواصل

“أحب ابني الرائع”… كانت تلك الكلمات الأولى لمريض يعاني حالة متقدمة من مرض التصلب الجانبي الضموري، عبر بها عن شعوره بعد أن أفقده المرض القدرة على التواصل مع الآخرين؛ إذ يدمر هذا المرض الأعصاب التي تتحكم في الحركة، وبالتالي يفقد المرضى في حالات المرض المتقدمة القدرة على أداء أي حركة إرادية، فلا يستطيعون المشي أو التحدث، ولكنهم يكونون قادرين على التفكير والشعور والرؤية والسمع والتذوق والشم.

ومن دون القدرة على تحريك الفم واللسان، يصبح التواصل مع مرضى التصلب الجانبي الضموري محدودًا للغاية، وأحيانًا تُستخدم إشارات الأعين -إن كانت لا تزال قادرةً على الحركة- كلغة للتواصل مع ذوي المرضى، جهود بحثية مضنية بُذلت من أجل تمكين المرضى من التواصل حتى ولو بشكل محدود مع ذويهم ومع أفراد الفريق الطبي الذي يتولى علاجهم.

في عام 2016، أظهرت نتائج دراسة تَمَكُّن امرأة مصابة بالمرض من كتابة بعض الجمل -على أحد البرامج الحاسوبية- باستخدام شريحة دماغية تتيح التواصل المباشر بين دماغ الإنسان والحاسوب، وتُعرف باسم “واجهات الدماغ الحاسوبية”، غير أن هذه المريضة كانت لا تزال تتمتع بقدر ضئيل من القدرة على التحكُّم في عضلات العين والفم.

إعادة التواصل

ولكن، هب أن الدماغ قد فقد سيطرته على الجسم بأكمله، فهل ستكون إشارات الدماغ حينئذٍ مفيدة لأن تُتَرجَم إلى أي شكل من أشكال التواصل؟

كان هذا هو الحال مع أحد مرضى التصلب الجانبي الضموري الذين يعانون حالة عُزلة كلية، ففي عام 2018، شُخصت حالة المريض بواسطة فريق من العلماء في جامعة توبنغن الألمانية، وفي غضون أشهر، فقد المريض القدرة على المشي والتحدث، وبعد عام، وُضِع المريض على جهاز التنفس الاصطناعي لمساعدته على التنفس، ثم فقد قدرته على تحريك عينيه، ولذا، فقد دفعت حالة العزلة الكلية تلك إلى إجراء جراحة لاستزراع غرسة دماغية تمكِّنه من البقاء على تواصل مع عائلته، وقد تقدمت زوجة المريض وأخته بموافقة كتابية على إجراء هذه الجراحة.

في هذا الإطار، أفادت دراسة بحثية حديثة نُشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” Nature Communications في 22 مارس الماضي، بتمكُّن المريض من اختيار الحروف، واحدًا تلو الآخر، من أجل تكوين كلمات وجمل للتعبير عن أفكاره واحتياجاته، وذلك لأول مرة فيما يتعلق بالمرضى الذين دخلوا هذه المرحلة المتقدمة من المرض.

وتعقيبًا على الدراسة، تقول ماريسكا فانستينسل -الأستاذ المساعد في مركز الدماغ التابع للمركز الطبي الجامعي بأوترخت بهولندا، وغير المشاركة في الدراسة- في تصريحاتها لـ”للعلم”: إن هذه النتائج أظهرت “قدرة مرضى التصلب الجانبي الضموري الذين يعانون حالة عزلة كلية -وليس لديهم أي طريقة أخرى للتواصل- على تهجئة الكلمات والجمل باستخدام إشارات الدماغ فقط”.

يقول أوجوال شودري -المؤلف الأول في الدراسة والمدير العام لشركة “إيه إل إس فويس” (ALS Voice gGmbH)- في تصريحاته لـ”للعلم”: “إن حالة العزلة الكلِّيَّة تلك -والمعروفة اختصارًا بـCLIS تختلف عن حالة العزلة التي يستطيع المريض فيها استخدام عينيه للتواصل، والمعروفة اختصارًا باسم LIS، موضحةً أنه في حالة العزلة الكلية تتدهور حالة المريض حتى يفقد السيطرة على العضلات المتحكِّمة في حركة العين.

المصدر: SCIENTIFIC AMERICAN
إغلاق