دراسات وبحوث
«العلاج بالفيروسات».. هل يصبح بديلاً للمضادات الحيوية؟
مع الانتشار الواسع للأمراض مؤخراً وتقدم العلم والأبحاث، وارتفاع حالات العدوى المقاومة للمضادات الحيوية، لاحت في الأفق مرة أخرى الحاجة إلى العودة لواحدة من وسائل العلاج التي استخدمت مسبقاً ثم وضعت جانباً، وهي تقنية «العلاج بالفيروسات». فالاستخدام المفرط والخاطئ للمضادات الحيوية أدى إلى ازدياد نسب مقاومة البكتيريا لأنواع العلاج المختلفة، وبتنا بحاجة اليوم لإيجاد حل سريع لهذه المشكلة.
هذا ما دفع علماء حول العالم للعودة والتوسع في تقنية قديمة هي العلاج بالفيروسات، وتم بالفعل علاج بعض الحالات بنجاح.
في هذا السياق، أكدت الدكتورة أصالة لمع، باحثة في البيولوجيا الجزئية في المركز الوطني للصحة والأبحاث الطبية في فرنسا، لـ القبس أننا اليوم بتنا بحاجة ماسة لبدائل للمضادات الحيوية بشكل ملح وطارئ بحسب توصيات معظم المنظمات الصحية حول العالم، وقالت: «تقنية العلاج بالفيروسات هي الخيار الأنسب لمرضى فشل معهم الكثير من العلاجات ومازالوا متعايشين مع التهاباتهم المزمنة، وبالتالي نجاح علاج مثل تلك الحالات يقدم الدعم بالفعل ويدفع بمزيد من التجارب في هذا الاتجاه». وشرحت مزيدا من التفصيل لهذه التقنية وأهميتها المنتظرة.
ما العلاج بالفيروسات؟
وأوضحت لمع أن تقنية العلاج بالفيروسات، والتي يطلق عليها «فاج ثييرابي» أو «باكتريوفاج»، والتي تعني حرفياً «آكل البكتيريا»، هي عبارة عن استخدام فيروس له القدرة الطبيعية على مهاجمة البكتيريا ورغم أن هذه التقنية كانت تستخدم قبل اكتشاف المضادات الحيوية، إلا أنه تم وضعها جانباً بعد ظهور ما يسمى بمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، أي ظهور أنواع من العدوى لا تستجيب لأي نوع من المضادات الحيوية المتوافرة لدينا. ومع أن مقاومة المضادات الحيوية عملية طبيعية الحدوث مع تطور البكتيريا وتأقلمها، إلا أنه منذ بدايات التسعينيات ارتفعت معدلات هذا النوع من العدوى بسبب الاستخدام المسرف للمضادات الحيوية حول العالم.
وأكدت لمع أنه ومؤخرا عاد الاهتمام بتقنية الباكتريوفاج لمكافحة تلك الالتهابات، التي لم تعد تستجيب الى المضادات والعلاجات المختلفة كبديل علاجي أساسي.
وذكرت أن «الباكتريو فاج» تحديدا، هو فيروس قديم يعتقد أنه نشأ من مليارات السنوات مع أول بكتيريا ظهرت على الأرض، والذي يعد أكثر وحدة بيولوجية موجودة في النظام البيئي.
وأوضحت أنه تاريخياً، تم اكتشاف قدرة هذه الفيروسات على مهاجمة البكتيريا لأول مرة في الهند بعدما لوحظ قدرة مياه أحد الأنهار على شفاء مرضى الكوليرا في وقتها، ولاحقا قام العالمان فريدريك وورت وفيليكس هيريل بعزل هذه الفيروسات في المختبر واثبات قدرتها على تدمير زروعات البكتيريا وتم تسميتها بـ «باكتريوفاج». وتم بعدها دراسة هذه الفيروسات بعمق لمعرفة المزيد عن بيولوجيتها وآليه عملها.
وأشارت لمع إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت ومازالت تحذر بشكل دائم من أن مقاومة المضادات الحيوية تشكل تحديا وتهديدا حقيقيا وتعد حالة طارئة تدق ناقوس الخطر وتوجب إيجاد بدائل علاجية لهذه الأنواع من البكتيريا التي لم تعد تتجاوب مع المضادات الحيوية.
وأضافت أن وجود التهابات مزمنة يمكن أو يعرض حياة المرضى للخطر ويمنعهم من القيام بجراحات طارئة أو من أخذ علاجات معينة ويهدد حياتهم بشكل جدي، لذا فالأمر يعد أساسيا وطارئا.
تصنيفات متعددة
وقالت د. لمع: «نحن بحاجة الى استعادة هذه التقنية وبشدة، لأنها قادرة على النجاح وفقا للكثير من الدراسات السابقة منذ عشرات السنين، بالإضافة إلى أنه هناك الكثير من أنواع الباكتريوفاج المتخصصة في عملية القضاء على أنواع مختلفة من البكتيريا».
وأشارت الى أن هذه الفيروسات مصنفة في المختبرات بحسب نوعها ونوع البكتيريا القادرة على مهاجمتها، ولذلك عند علاج أي حالة يتم اخذ عينة من المريض لفحصها وتحديد نوع الباكتريوفاج، الذي يتناسب مع البكتيريا الموجودة في عينة المريض، وقالت: «بناء على العينة يتم اختيار الباكتريوفاج الخاص به، والذي يسمح بعلاج موجه ويخفف من الأعراض الجانبية والسمية العالية التي نراها عادة مع المضادات الحيوية».
المصدر: القبس