التغذية
يخفف من الاكتئاب والقلق.. هكذا يؤثر “الفطر السحري” على الدماغ
الفطر المخدِّر يتمتع بأسماء عديدة، منها إضافات البيتزا، والفطر السحري، وغيرها من المسميات التي تزيد مع كل جيل.
ورغم ذلك، يعتقد بول ستاميتس، عالم الفطريات الرائد، أن الوقت قد حان لمحبي فطر السيلوسيبين للتخلي عن هذه المسميات الطفولية.
وقال ستاميتس لـCNN: “فطريات السيلوسيبين عبارة عن مواد غير مسببة للإدمان، ومُغيّرة للحياة”.
وأظهرت التجارب السريرية محدودة العدد أن استخدام السيلوسيبين في إطار علاجي، مثل تناول جرعة واحدة أو اثنتين منها يحدث تغييرات جذرية وطويلة الأمد لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب اكتئابي حاد مقاوم للعلاج، ولا يستجيب عادةً لمضادات الاكتئاب التقليدية.
وبناءً على هذا البحث، وصفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مادة السيلوسيبين بأنها “استثنائية”، على حد قول ستاميتس.
وأظهر السيلوسيبين، الذي تحوله الأمعاء إلى مادة سيلوسين الكيميائية التي لها أثر نفسي، أنه يكافح الصداع العنقودي أيضًا، والقلق، وفقدان الشهية، والوسواس القهري، وأشكال مختلفة من تعاطي المخدرات.
أثرها على دماغك
وتدخل المخدرات الكلاسيكية، مثل السيلوسيبين، ومخدّر الهلوسة المعروف باسم “LSD” الدماغ عبر المستقبلات ذاتها التي يدخل عبرها هرمون “الشعور بالرضا”، أي السيروتونين الذي يساعد بالتحكّم بوظائف الجسم مثل النوم والرغبة الجنسية، والحالات النفسية مثل الرضا، والسعادة، والتفاؤل.
وغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابين بالاكتئاب أو القلق من انخفاض مستويات السيروتونين لديهم، كما هي الحال لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، والصداع العنقودي، وفقدان الشهية، وإدمان التدخين، والذين يتعاطون المخدرات.
وعادةً ما يتضمن العلاج استخدام مثبّطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، التي تزيد من مستويات السيروتونين المتاحة لخلايا الدماغ.
ولكن قد يستغرق الأمر أسابيع حتّى البدء بالتحسّن، وفقًا لما ذكره الخبراء، وذلك في حال كانت الأدوية المعطاة ناجعة في المقام الأول.
وقال براين روث عالم الصيدلة، وأستاذ الطب النفسي، وعلم العقاقير في جامعة نورث كارولينا الأمريكية، إنّه رغم ذلك، كان يمكن للعلماء لمس تغيير في اتصال الخلايا العصبية بالدماغ في المختبر “خلال 30 دقيقة”، من خلال استخدام عقاقير مخدّرة مثل السيلوسيبين، وLSD.
نمو خلايا الدماغ
وثمة المزيد، إذ يقول الباحثون إن العقاقير المخدّرة تساعد خلايا الدماغ العصبية على تكوين تشعّبات جديدة لزيادة التواصل بين الخلايا.
وقال دايفيد نوت، مدير وحدة علم الأدوية النفسية والعصبية في قسم علوم الدماغ بـ”إمبريال كوليدج لندن”: “يمكن لهذه العقاقير أن تزيد من نمو الخلايا العصبية، ويمكنها أن تزيد من هذا التّفرع للخلايا العصبية، ويمكنها أن تزيد من نقاط الاشتباك العصبي. ويُعرف ذلك بالمرونة العصبية”.
ويساعد نمو التشعّبات في بناء دوائر جديدة في الدماغ، وترسيخها، ما يسمح لنا بتكوين مسارات أكثر إيجابية مع ممارستنا للامتنان على سبيل المثال.
وأكّد ماثيو جونسون، أستاذ في مجال المهلوسات والوعي في مستشفيات “جونز هوبكنز” الطبية، أنّ استخدام العقاقير لا يصلح للجميع، ولكن عند عملها بشكلٍ جيّد، فهي تُصبح علاجًا لاضطراب ما بعد الصدمة، أو الاكتئاب.
لكن إلى متى تستمر فعاليتها؟ وذكر نوت أنّ الدراسات التي أُعطِي فيها المرضى جرعة واحدة فقط من عقار مخدر، أظهرت “تحسّن حال بعض الأشخاص بعد 8 أعوام، لكن بالنسبة لغالبية المصابين بالاكتئاب المزمن، يتسلّل المرض مرّة أخرى بعد 4 أو 5 أشهر”.
ماذا عن الجرعات الصغيرة؟
ويعتقد ستاميتس أن الجرعات الصغيرة هي الحل، أي استخدام كميات صغيرة من فطر السيلوسيبين مرات عدة في الأسبوع للحفاظ على صحة الدماغ.
وعبر موقعه على الإنترنت، أظهرت استطلاعات الرأي للأشخاص الذين يستخدمون جرعات صغيرة، وجود فوائد إيجابية بشكلٍ ملحوظ لدى استهلاكهم جرعات صغيرة من السيلوسيبين.
بيد أنّ الدراسات العلمية فشلت حتّى الآن بالعثور على أي فوائد من الجرعات الصغيرة، ما جعل العديد من الباحثين يشكّون في هذا الأمر.
وقال جونسون: “يحب الأشخاص استخدامها، ولكن لا يثبت ذلك صحة مزاعم الجرعات الصغيرة”.
ضرورة الحذر
ولم تأتِ نتائج جميع التجارب المُسببة للهلوسة إيجابية بالطبع، لذلك تضمنت كل دراسة تقريبًا للعقاقير المخدّرة، معالجين مدرَّبين للتدخّل في حال ساءت الأمور، ومن أجل الاستفادة من النتيجة لأقصى درجة في حال كانت إيجابية.
ولدى العقارات المخدّرة أيضًا آثار جانبية لا تقتصر على حدوث تجربة سيئة فقط.
ويمكن لعقاقير الـLSD والميسكالين، والـDMT، وهي العناصر النشطة في شاي “آياهواسكا”، زيادة ضغط الدم، ومعدّل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، وفقًا للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات.
ويمكن لهذا الشاي أن يتسبب بالقيء أيضًا، بينما قد تؤدي عقاقير الـLSD إلى الارتعاشات، والخدر، والضعف، وقد يسبب الميسكالين الحركة غير المنسّقة.
ويمكن للأشخاص الذين يبحثون عن الفطر المخدّر الخلط بين أنواع الفطر السامة، والسيلوسيبين، ما يؤدي إلى تسمم غير مقصود، ومميت.
وإلى ذلك، لا يُعد كل شخص مرشحًا لتلقي هذا النوع من العلاج.
ولن تنجح هذه الطريقة مع الأشخاص الذين يستخدمون مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية حاليًا، إذ تكون المستقبلات الموجودة في أدمغتهم مغمورة بالسيروتونين عمليًا.
ويتم دائمًا استبعاد الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب، أو الفصام، أو الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالذهان، من التجارب السريرية، بحسب ما أوضحه فريدريك باريت، المدير المشارك لمركز أبحاث المهلوسات والوعي في جامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية.
وقال روث: “نأمل أن نتمكّن من استخدام هذه المعلومات بنهاية المطاف لصنع عقاقير تحاكي فوائد العقاقير المُخدرة، ولكن من دون اختبار المخدر”.
المصدر: CNN عربي