دراسات وبحوث

حمض “المادة المظلمة” النوويُّ يؤثر على نمو الدماغ

طور باحثون في سويسرا طريقة لاكتشاف مقاربة جديدة لاستهداف الخلايا السرطانية، وذلك في جزء من الجينوم يطلق عليه اسم “المادة المظلمة”.

و”المادة المظلمة” مصطلح يطلق على الجزء من الجينوم البشري الذي لا يحمل شيفرة لإنتاج البروتينات.

يحتوي الجينوم البشري على حوالي 20 ألف جين ترميز بروتين، أي أن الجين تكون به تعليمات للجسم لإنتاج بروتين معين.

في المقابل، الجزء الأكبر من الجينوم البشري لا يحمل شيفرة بروتين (non-protein-coding DNA)، ولذلك يطلق عليها اسم “المادة المظلمة”، وهو مصطلح في علم الفلك، لأن وظائف هذه المادة غير معروفة للآن.

وفي علم الفلك، تعد المادة المظلمة غير مرئية، لكن يمكن الاستدلال عليها من خلال قوة جاذبيتها التي تمسك المجرات معا، ويعتقد أنها تشكل نحو 90% من الكون.

وأجرى الدراسة باحثون من جامعة بيرن ومستشفى أنسل في سويسرا، ونشرت في (the Journal Cell Genomics) سبتمبر/أيلول الماضي، وكتب عنها موقع (Eurek Alert). وقام الباحثون بتحديد أهداف جديدة يمكن من خلالها تطوير أدوية لعلاج هذا السرطان.

ونظر العلماء إلى فئة جينات غير مفهومة جيدا تسمى “الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفر” (long noncoding RNAs)، وتوجد في المادة المظلمة في الجينوم البشري.

وطبق العلماء مقاربتهم على نوع من سرطان الرئة اسمه “سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة” (Non-small cell lung cancer)، الذي يرتبط بوفيات مرتفعة. وتواجه العلاجات المتوافرة لهذا النوع من السرطان مجموعة من التحديات تتضمن وجود طفرات جينية لا يمكن التغلب عليها بالأدوية المتوافرة، بالإضافة إلى السمية المحتملة ومقاومة هذه العلاجات من قبل الخلايا السرطانية.

تحديد الأهداف

لدراسة الدور الذي تقوم به الأحماض الريبوزية غير المشفرة في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، قام الباحثون بتحليل قواعد البيانات المتاحة للبحث عن الأحماض الريبوزية غير المشفرة. نتج عن هذا التحليل قائمة تحوي على أكثر من 800 من الأحماض الريبوزية غير المشفرة.

ثم قام الباحثون بدراسة خلايا سرطان الرئة غير الصغيرة التي تم الحصول عليها من بشر مصابين بالسرطان، وقاموا بعد ذلك بتقييم الدور الذي يقوم به حذف حمض نووي غير مشفر على السمات السرطانية لهذه الخلايا. السمات والسلوك الخلوي للخلايا السرطانية هي التكاثر والانتقال ومقاومة العلاج.

ويقول الباحث الدكتور روري جونسون: “الفائدة من تقييم هذه السمات الثلاث تعود إلى أننا نستطيع الوصول إلى فهم شامل وكمية كبيرة من البيانات من خلال هذه التجارب، التي نحتاجها لنستخلص قائمة واحدة تحوي أهم الأحماض الريبوزية الطويلة غير المشفرة التي لها دور مهم في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة”.

الاختبارات التي قام بها الباحثون على أكثر من 800 حمض ريبوزي طويل غير مشفر أوصلتهم إلى قائمة تحتوي على 80 حمضا ريبوزيا طويلا غير مشفر مرشحة، لكونها تلعب دورا مهما في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، وستخضع لمتابعة الباحثين.

لاحقا، قام الباحثون بمهاجمة هذه الأحماض الريبوزية، وتبين أن تحطيمها أدى إلى تثبيط انقسام الخلايا السرطانية في الخلايا التي زرعت.

الأمر الآخر الذي ظهر في هذه التجارب أن الخلايا غير السرطانية تأثرت بشكل طفيف، أو لم تتأثر مطلقا بهذا التحطيم، الأمر الذي يجب توافره في أدوية السرطان، أي أن هذه التقنية تدمر الخلايا السرطانية من دون التأثير على الخلايا السليمة.

ويواصل الباحثون اختباراتهم على حيوانات المختبر ويخططون للتعاون مع شركات الأدوية الموجودة أو بدء شركات جديدة تتبنى تطوير هذه الأدوية. وينظر الباحثون في تبني النهج الذي اتبعوه في الوصول إلى هذه النتائج وتطبيقه على سرطانات أخرى، من أجل اكتشاف علاجات لهذه الأنواع.

قد يفتح هذا الاكتشاف الباب لتطوير علاجات فعالة للسرطانات التي لا توجد علاجات فعالة لها، وأيضا في تطوير أدوية تكون آمنة، ولا تؤذي الخلايا  السليمة، بل تهاجم الخلايا السرطانية فقط.

المصدر : الجزيرة + يوريك ألرت
إغلاق