العظام
هل هشاشة العظام حكر على النساء؟
ما مرض هشاشة العظام osteoporosis؟ وهل يعد حكرا على النساء دون الرجال؟ وكيف يتم تشخيصه؟ وما مضاعفاته؟ وهل يمكن الوقاية منه؟
قال اختصاصي جراحة العظام والمفاصل الدكتور مظفر الجلامدة إن هشاشة العظام مرض صامت وشائع في الوقت نفسه، وأعراضه قد تحتاج سنوات قبل “الخروج عن الصمت” وحدوث المضاعفات والكسور لدى الشخص المصاب به.
ويتميز مرض هشاشة العظام -وفق الجلامدة- بحدوث انخفاض في كثافة كتلة العظم، التي يصل بناؤها إلى حده الأقصى في عمر الثلاثين تقريبا، وبعدها يبدأ الانخفاض التدريجي بصورة بطيئة؛ فكلما كان البناء قويا انخفضت نسبة الإصابة مستقبلا.
وأشار الجلامدة -في حديث للجزيرة نت- إلى أن النسيج العظمي حاله حال باقي أنسجة الجسم، فخلاياه حية وتجدد نفسها بشكل مستمر طوال الحياة، من خلال آليات البناء والهدم، وأي خلل في هذه الآلية يسبب لينا في العظام ومن ثم الهشاشة، وهناك توازن هرموني يحكم خلايا الهدم والبناء، وأي اضطرابات في هذا النشاط تؤدي إلى اختلال التوازن؛ مما ينجم عنه هشاشة العظام.
ما العوامل التي تزيد نسبة الإصابة بالهشاشة؟
قال الجلامدة إن هناك عوامل عديدة تزيد نسبة الإصابة بالهشاشة، بعضها لا يمكن تغييرها مثل التقدم في العمر، ولكنها تمنحنا الوقت الكافي للتحضير والوقاية، كما أن الوراثة تلعب دورا.
وهناك عوامل أخرى لها أثر كبير في الإصابة، كالتدخين والإفراط في المشروبات الغازية، والأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم ومشاكل فرط إفراز الغدة الدرقية، وعوامل غذائية مثل نقص الكالسيوم وفيتامين د، وتناول بعض الأدوية، مثل أدوية الكورتيزون.
هل هشاشة العظام حكر على النساء؟
وأكد الدكتور الجلامدة أن الهشاشة ليست حكرا على النساء، ولكن لهن النصيب الأكبر منها، فالمرض يصيب كثيرا من النساء والرجال بشكل طبيعي عند تقدمهم في العمر، وهذا هو النوع الأول من هشاشة العظام الأكثر شيوعا المترافق مع التقدم في العمر، الذي يصيب النساء في خمسينيات العمر أكثر من الرجال في الفئة العمرية نفسها.
أما النوع الثاني من هشاشة العظام فيسمّى الثانوي، ويكون نتيجة حالة مرضية معينة أو استخدام دواء معين يعيق قدرة الجسم على إنتاج النسيج العظمي.
ولفت إلى أن النساء مع تقدمهن في العمر يتذبذب إنتاج المبيضين لهرمون الإستروجين الذي يقل تدريجيا عندهن، مما يؤدي إلى أعراض انقطاع الطمث. وهرمون الإستروجين مهم جدا لبنية العظم لأنه يحفز خلايا البناء في العظم فلا يسمح بأن يكون لخلايا الهدم نشاط أكبر، لذلك عند فقدان الهرمون مع انقطاع الطمث تفقد النساء السيطرة على خلايا بناء العظم، وتنشط خلايا الهدم؛ وبالتالي يصبح العظم هشا بصورة أسرع.
وما بين عمر 25 وحتى 30 تصل الكتلة العظمية للإنسان إلى الحد الأقصى، بعد ذلك يفقد ما قدره 0.5% منها كل عام، وبعد سن الأربعين تصبح النسبة 1%، أما بعد انقطاع الطمث للمرأة (في الخمسينات) تبدأ خسارة 3% سنويا نتيجة فقدان هرمون الإستروجين.
ما مضاعفات هشاشة العظام؟
تعد كسور العظام أكثر مضاعفات هشاشة العظام انتشارا وخطورة لدى المصابين، حيث تحدث معظم الكسور عادة في العمود الفقري وفي عظام حوض الفخذين، نظرا لكونها العظام الرئيسية التي تحمل الجزء الأكبر من وزن الجسم، وتحدث الكسور في حوض الفخذين عادة نتيجة تلقي ضربات أو جراء حوادث السقوط.
ولفت الجلامدة إلى أن الكسور التي قد تحدث في حوض الفخذين قد تتسبب في حصول عجز لدى المصاب، بل من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان جراء التعقيدات التي قد تنشأ في أعقاب العمليات الجراحية، خاصة لدى المتقدمين في السن.
وبيّن أن الكسور في أكفّ اليدين من الكسور واسعة الانتشار بين مصابي مرض هشاشة العظام، وتنجم في الأغلب عن حوادث السقوط. وقد تحدث كسور في العمود الفقري في بعض الحالات دون التعرض لضربات أو حوادث سقوط، لمجرد وجود ضعف في عظام الظهر، إلى درجة أنها تبدأ بالانضغاط والانطباق فقرة فوق أخرى، ويسبب انضغاط الفقرات آلاما حادة في الظهر تستدعي فترة استشفاء طويلة.
كيف يتم تشخيص هشاشة العظام؟
أشار الدكتور الجلامدة إلى أن الطبيب المعالج يستطيع تشخيص حالات قلة كثافة العظم أو حتى المراحل المبكرة من الإصابة بمرض هشاشة العظام بواسطة استخدام مجموعة من الطرق لقياس كثافة العظام.
وتعد طريقة تصوير كثافة العظام بتقنية قياس امتصاص العظم بواسطة الأشعة السينية المزدوجة الأفضل، فهذا الإجراء سهل وسريع ويعطي نتائج عالية الدقة.
ويتم في هذا الفحص قياس كثافة العظام في العمود الفقري، وعظم الحوض، ومفصل كف اليد، وهي أكثر المناطق عرضة في الجسم للإصابة بمرض هشاشة العظام، كما يستخدم هذا الفحص لرصد ومتابعة التغيرات التي تحصل في هذه العظام مع مرور الوقت. وأضاف أن هناك فحوصا أخرى يمكن بواسطتها قياس كثافة العظام.
ما علاجات هشاشة العظام؟
أكد الدكتور الجلامدة أنه يمكن علاج هذا المرض بشكل فعال من خلال اتباع خطة علاجية متكاملة حسب الجنس والعمر والأسباب المؤدية إلى حدوثه، حيث تتوفر العديد من الأدوية الحديثة والفاعلة لعلاج هذا المرض، بالإضافة إلى الحلول الجراحية في حال حدوث أي كسور في العظام.
ومن أكثر العلاجات المتداولة -كما ذكرها الجلامدة- “البيسفوسفونات” (Bisphosphonates)، وجميعها تعطى تحت إشراف طبي كامل وبناء على وصفة الطبيب المعالج.
وتزيد هذه الأدوية كثافة العظام وتقلل خطر كسرها، ويمكن أن تؤخذ على شكل أقراص فموية أو حقن وريدية، علما أن أخذ الحقن بشكل سنوي أو ربع سنوي أسهل من تذكر تناول الأقراص أسبوعيا أو شهريا، مبينا أنه لا يمكن لمرضى الكلى والحوامل والمرضعات تناول أدوية “البيسفوسفونات”.
من جهتها، قالت الدكتورة الصيدلانية روان عبد السلام -في تصريح للجزيرة نت- إن علاج هشاشة العظام يختاره الطبيب بناء على شدة المرض لدى الشخص وجنسه وعمره؛ فأدوية هشاشة العظام تأتي بأشكال صيدلانية متنوعة، منها الحبوب والحقن، كما أن منها ما يؤخذ أسبوعيا وما يؤخذ سنويا، لذا فإن الدواء المختار يجب أن يناسب الشخص من حيث الشكل الصيدلي والتكرار.
كيف يمكن الوقاية من هشاشة العظام؟
وشدد الدكتور الجلامدة على أن منع حدوث نقص في كثافة العظام أسهل من استعادة الكثافة التي فُقدت، كما أن تحويل نمط الحياة من الكسل وعدم الحركة إلى ممارسة النشاط البدني والتمارين اليومية لمدة لا تقل عن نصف ساعة يوميا تزيد قوة العظم وتبعدنا عن خطر الإصابة بالهشاشة، بالإضافة إلى الابتعاد عن التدخين الذي له تأثير مباشر في خلايا العظم وخطر الإصابة، والابتعاد أيضا عن الإفراط في تناول المشروبات الغازية، واتباع نظام غذائي متوازن للحصول على الكميات الكافية للجسم من الكالسيوم والفيتامينات، ومن أهمها فيتامين د.
ودعا الجلامدة للانتباه المتواصل لخطوات كبار السن، والحرص على أن يكون مكان سيرهم في المنزل وخارجه خاليا من أي عثرات تعرضهم للسقوط، ناهيك عن إجراء فحوص كثافة العظم بشكل دوري لكل شخص لديه من العوامل التي تزيد نسبة الإصابة بالهشاشة بصورة كبيرة.
دور الغذاء في الوقاية من هشاشة العظام
نصح اختصاصي التغذية محمد خراشقة باتباع مجموعة من التعليمات، مثل تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم، والأغذية التي تحتوي على فيتامين د الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم.
ونوه خراشقة إلى أن الاحتياج اليومي من الكالسيوم 1000 مليغرام يوميا، وعند النساء بعد سن الخمسين يكون 1200 مليغرام، ولضمان امتصاص الكالسيوم يجب ضمان مستويات جيدة من فيتامين د في الدم، مع التركيز على منتجات الألبان، لضمان تناول احتياجنا اليومي من الكالسيوم.
ودعا إلى الحفاظ على مجهود بدني منتظم خلال المراحل الزمنية المختلفة، والابتعاد عن المشروبات الغازية، وعدم الإفراط في تناول القهوة والمشروبات التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الكافيين، والتركيز على المتابعة الدورية لدى اختصاصي العظام لضمان التشخيص المبكر لأي مشكلة صحية.