أخبار

خبراء: حان الوقت للانتقال من مبدأ «الطبيب أعلم» !

وجدت دراسة جديدة أجراها باحثون بجامعة كامبريدج وكلية كينغز كوليدج البريطانيتين أن الأطباء يصنفون آراء المرضى على أنها الأقل أهمية في التشخيص.

واستهدفت الدراسة تقارير أكثر من 1000 مريض وطبيب تم التقليل من قيمتها؛ إذ تبين أن الأطباء صنفوا التقييمات الذاتية للمرضى على أنها الأقل أهمية في قرارات التشخيص، بدعوى أن المرضى يبالغون في تقدير أعراضهم.

وقد شارك أحد المرضى الشعور الشائع بعدم تصديقه من قبل الطبيب باعتباره «هينًا وغير إنساني». قائلا «لو كنت قد واصلت احترام خبرة الأطباء أكثر من خبرتي، لكنت ميتًا… عندما أدخل موعدًا طبيًا ويتم علاج جسدي كما لو أنه ليس لدي أي سلطة عليه وما أشعر به غير صحيح، فهذه بيئة غير آمنة على الإطلاق… سأخبرهم بأعراضي وسيخبرونني أن الأعراض خاطئة».

وفي الدراسة التي نشرت بمجلة «الروماتيزم»، استخدم الباحثون مثال الذئبة العصبية والنفسية، وهو مرض مناعي ذاتي غير قابل للشفاء يصعب تشخيصه بشكل خاص، لفحص القيمة المختلفة التي قدمها الأطباء لـ 13 نوعًا مختلفًا من الأدلة المستخدمة في التشخيص. وشمل ذلك أدلة كفحوصات الدماغ وآراء المرضى وملاحظات العائلة والأصدقاء. فوجدت ان أقل من 4 % من الأطباء صنفوا التقييمات الذاتية للمريض ضمن أهم ثلاثة أنواع من الأدلة. وقد صنف الأطباء تقييماتهم الخاصة على أنها الأعلى، على الرغم من اعترافهم بأنهم في كثير من الأحيان لم يكونوا واثقين من التشخيصات التي تنطوي على أعراض غير مرئية، مثل الصداع والهلوسة والاكتئاب. إذ يمكن أن تؤدي مثل هذه الأعراض «النفسية العصبية» إلى تدني نوعية الحياة والوفاة المبكرة، وقد ورد أنه يتم تشخيصها بشكل خاطئ غالبا؛ وبالتالي لا يتم علاجها بشكل صحيح مقارنة بالأعراض المرئية كالطفح الجلدي.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قالت سو فارينجتون الرئيس المشارك لتحالف أمراض الروماتيزم المناعية النادرة «لقد حان الوقت للانتقال من مبدأ الطبيب أعلم، والذي غالبًا ما يكون خطيرًا، إلى علاقة أكثر مساواة حيث يكون المرضى الذين لديهم تجارب معيشية والأطباء الذين يعانون من هذه العلاقة أكثر مساواة؛ حيث ان التجارب المستفادة تعمل بشكل أكثر تعاونًا». وذلك وفق ما ذكر موقع «eurekalert» العلمي.

وفي هذا الاطار، أفاد ما يقرب من نصف المرضى (46 %) البالغ عددهم 676 مريضًا بأنهم لم يُطلب منهم أبدًا أو نادرًا ما يطلب منهم إجراء تقييمات ذاتية لمرضهم، على الرغم من أن آخرين ناقشوا تجارب إيجابية للغاية.

جدير بالذكر أن بعض الأطباء، وخاصة الأطباء النفسيين والممرضين، يقدرون آراء المرضى تقديرا عاليا، كما أوضح طبيب نفسي من ويلز، حيث يقول «غالبا ما يصل المرضى إلى العيادة بعد إجراء تقييمات متعددة، بعد أن بحثوا عن حالتهم على مستوى عال جدا وعملوا بجد لفهم ما يجري وكيف يتعاملون مع أجسادهم … غالبًا ما يكونوا خبراء في التشخيص».

من جانبها، تقول المؤلفة الرئيسية للبحث الدكتورة ميلاني سلون من قسم الصحة العامة والرعاية الأولية بجامعة كامبريدج «من المهم للغاية أن نستمع إلى آراء المرضى ونقدرها ونصغي لتفسيراتهم الخاصة لأعراضهم، خاصة أولئك الذين يعانون من أعراض طويلة الأمد. … لكننا نحتاج أيضًا إلى التأكد من أن الأطباء لديهم الوقت الكافي لاستكشاف أعراض كل مريض بشكل كامل، وهو أمر يمثل تحديًا في ظل قيود الأنظمة الصحية الحالية».

وقد أقر مؤلفو الدراسة بأن تفكير المريض سيكون غير دقيق في بعض الأحيان، لكنهم خلصوا إلى أنه من المحتمل أن يكون هناك العديد من الفوائد المحتملة (بما في ذلك دقة التشخيص، وعدد أقل من التشخيصات الخاطئة، وزيادة رضا المرضى).

بدوره، يخلص الدكتور توم بولاك كبير مؤلفي الدراسة من معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب بكلية كينجز في لندن الى القول «لن يتمكن أي إنسان دائمًا من تحديد سبب الأعراض بدقة، ويمكن للمرضى والأطباء أن يخطئوا في هذا الأمر. لكن الجمع بين وجهتي النظر وتقييمهما، خاصة عندما لا تكون الاختبارات التشخيصية متقدمة بما يكفي للكشف دائمًا عن هذه الأمراض، قد يقلل من التشخيص الخاطئ ويحسن العلاقات بين الطبيب والمريض، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الثقة والانفتاح».

إغلاق