الطب النفسي

أنواع الأمراض النفسية

تُعرّف الصحة النفسيّة على أنها حالة الفرد الدائمة نسبيّاً في كافة جوانبه العقليّة والنفسيّة والجسديّة الصحيّة، الخالية من الأمراض العضويّة والاضطرابات النفسيّة، فتعُمُّ الفرد حالة من التوافق النفسيّ والذاتيّ والمجتمعيّ، يتبعها الشعور بالراحة، فتُمكّنه من إثبات ذاته واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق أهدافه. أما المرض النفسيّ فهو نقيض للصحة النفسيّة، حيث يمكن تعريفه بأنه اضطراب نفسيّ المنشأ، تنجم عنه اتجاهات غير سليمة للفرد تجاه نفسه ومجتمعه، أي أنّه حالة من عدم التوافق في التفاعل النفسيّ والاجتماعيّ، وظهور السلوكيات غير السوية التي تؤثر في سلامة إنجازات الفرد، وسير حياته بشكل آمن ومستقرّ لنفسه ولمن حوله، وقد ينتقل المرض النفسيّ في حالات متقدّمة من الاعتلال النفسيّ إلى الاعتلال العضويّ أو الوظيفيّ، مثل اضطرابات الجهاز التنفسي نفسيّة المنشأ، أو حالات الإكزيما النفسيّة.[١][٢] أسباب الأمراض النفسية تُقسَّم أسباب الأمراض النفسية إلى ما يلي:[٣] الأسباب المُهيِّئة: وهي العوامل المُحيطة بالفرد سواء كانت داخليّة أو خارجيّة، فهي تُمهّد الظروف لحدوث المرض، وبالتالي يصبح الفرد عرضةً للإصابة به، ومن أمثلة هذه المُسببات: الخبرات المُؤلمة التي من الممكن أن يكون تعرّض لها الفرد خاصّة في مرحلة الطفولة، والعوامل الوراثية، وتردي الوضع الاجتماعي، بالإضافة إلى بعض الاعتلالات الجسديّة. الأسباب المُساعدة: وهي الأحداث والمُثيرات التي تحدُث في الوقت الذي يسبق لظهور المرض بشكلٍ مباشر، والتي تقود بدورها إلى تسارُع عملية ظهور المرض النفسي، ويستلزم ظهورها وجود قابليّة الفرد للإصابة به، أي أنّها بمثابة الأزمة التي فجَّرت المشكلات النفسيّة، لتُحوّلها إلى أمراض واضطرابات تُصيب الفرد في حال وجود الاستعداد الكامن لظهورها، كتعرّض الفرد لأزمات ماليّة يسبقها تعرّضه لضغوط نفسية شديدة، أو المراحل العمريّة الحرجة التي يمر بها الفرد. الأسباب البيولوجيّة: وهي جُملة الاضطرابات أو الاعتلالات الجسميّة التي يكون مصدرها بيولوجيّاً كالأمراض الوراثيّة، والتشوّهات الخَلقيّة، والاختلال في العمليّات الفسيولوجيّة أثناء مراحل النمو المختلفة، واضطرابات الهيئة العامة لبُنية الفرد من العاهات والعيوب الخلقية، مما يجعلها تُؤثر في التوافق النفسي والجسمي للفرد. الأسباب النفسية: وهي الأسباب التي يكون مصدرها نفسيّاً ذاتيّاً مرتبطاً بشكل مباشر بسلامة النمو النفسيّ خلال المراحل العمريّة النمائيّة المختلقة، والتفاعل الشخصيّ للفرد مع كافة الظروف النفسية والاجتماعية التي يواجهها، ومن أمثلتها: عدم إشباع حاجات الطفل حسب متطلباته المرحلية وحرمانه منها، والإحباط وسوء التكيف الاجتماعي، والحيل الدفاعية التي يلجأ لها الفرد في حال عدم شعوره بالأمان. الأسباب الخارجية: وهي الأسباب البيئية المتعلقة بالمحيط الاجتماعي، والتنشئة غير السوية وغير المتوازنة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع. أنواع الأمراض النفسية تختلف أنواع الأمراض النفسيّة باختلاف منشأها وأسبابها، فبعض الأمراض النفسيّة قد يكون أساسها عضويّاً، مثل الضمور الدماغي، وبعض الحالات المتقدّمة من الصرع، والأورام الدماغية، أو الخلل في إفراز الهرمونات، وقد تكون هذه الأمراض نفسيّة المنشأ مثل حالات العصاب الذي يشمل القلق المرضيّ، وتوّهم المرض، والاكتئاب، والهستيريا، والخوف، والوسواس القهري. وقد تكون ذهانيّة كانفصام الشخصية، وذهان الهوس، والهذاء، كما توجد أمراض جسميّة نفسيّة، أو ما يُسمّى بالسيكوسوماتيّة، وتظهر في أجهزة الجسم التي يُسيطر عليها الجهاز العصبيّ التلقائيّ، كالجهاز البولي، والجهاز التناسليّ، والجهاز التنفسيّ وغيرها. أما علم الطب النفسي فقد قسّم الأمراض النفسيّة إلى ما يلي على سبيل الذكر وليس الحصر:[٤][٥] القلق النفسي القلق هو سلوك طبيعيّ يظهر عند الفرد في حال تعرضه إلى أي ضغوط حياتيّة، ويُعتبر هذا السلوك مؤثّراً ومُحفّزاً يدفعه إلى الإنجاز والعطاء بكل ما يملك، فهو لا يُعيق سير حياته، بل يقوده إلى النجاح وبالتالي الشعور بالراحة، أما القلق المرضيّ فهو حالة مزعجة غير مرغوبة غامضة غير مفهومة لصاحبها، وتُعيق استمراريّة حياته بشكل طبيعي، فهي الشعور بالضيق وعدم الارتياح، وهي في الأصل الخوف المستمر والخوف من المجهول، أو توقّع حدوث مصيبة أو كارثة، وانتظار حدوثها، والعيش في إطار الذعر والرعب من وقوعها، إذاً فهي مُؤثر داخلي يستمر مع الفرد في أغلب أحيانه، ويحرمه من التركيز والاسترخاء والراحة والاستمتاع بحياته، وتُصاحب حالات مرض القلق النفسي الكثير من الأعراض الجسميّة التي يُسببها الاضطراب في الجهاز العصبيّ اللاإرادي، وزيادة إفراز الأدرينالين في الدم، ممّا يُؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة التعرّق، وارتعاد الأطراف، وشحوب الجلد، كما يؤثر هذا القلق في كافة أعضاء الجسم، كالقلب فتزيد نبضاته، وقد يشعر الفرد بالألم بالجانب الأيسر من منطقة الصدر، بالإضافة إلى اضطرابات الجهاز الهضمي والشعور بالقيء، والغثيان، وحالات الإسهال، والإمساك، والتشنجات العضليّة، والشد العضلي نتيجة للشعور المُبالغ فيه بالتوتر والخوف، وغيرها الكثير من الأعراض الجسميّة التي قد تُصبح خطيرة على حياة الفرد إذا تُركت دون علاج.[٦] الوسواس القهري يُصيب الوسواس القهري في أغلب الأحيان الشخصيات التي تمتاز بالدقة الشديدة، وحب النظام، واتباع القوانين بشكل حذر، وغالباً ما تكون هذه الشخصيّة تتسم بالعناد، والتصلُّب، والابتعاد عن المرونة في التعامل، فهذه السمات الشخصية قد تكون سمات مُهيِّئة لتعرض الفرد لهذا المرض، ومن أهم أعراضه أن تُلازم الفرد أفكار سيئة قد تتعلّق بالدين أو الجنس، ومن المستحيل وقوعها أو ملاحظتها، وفي أغلب الأحيان يعي الفرد مدى خطأ هذه الأفكار أو استحالتها، إلا أنها تُلازمه وتُسيطر على تفكيره وانفعالاته، وتُنشئ الكثير من النقاشات الداخليّة والتساؤلات اللانهائية التي تجُرُّه إلى دائرة مُغلقة من الأفكار والتساؤلات، وقد تكون هذه الأعراض على هيئة أفعال كالخوف من تراكم الأوساخ، والرغبة المستمرة في غسل اليدين لأكثر من خمسين مرة متتالية، أو الاستحمام عشر مرات يومياً، أو التأكد المستمر من إغلاق الباب أو إحكام إغلاق أنبوبة الغاز، بالإضافة إلى الكثير من الأعراض التي تقود صاحبها إلى الإحساس بالجنون.[٧] الهستيريا غالباً ما يُصاحب هذا المرض الشخصيات الهستيريّة القابلة للانفصال التام عن الواقع، وعيش دور معيّن يفصلها عن واقعها، بالإضافة إلى الشخصيات التي تعاني من قلة النضج الوجدانيّ، والشخصيات المُحبة للمبالغة والتهويل في وصف الوقائع، فالهستيريا هي عبارة رفض العقل اللاواعي التغاضي عن بعض الأفكار التي يتجاهلها العقل الواعي وينبذها، وهي في الأصل تكون أفكاراً وغرائز وشهوات مذمومة وفي بعض الأحيان محرمة يتلقاها العقل اللاواعي بعد رفض العقل الواعي لها ومقاومة هذا الرفض، فيكون هذا المرض نتيجة للصراع الداخليّ بين الواعي واللاواعي، وتظهر أعراضه على هيئة اختلال حركة الأطراف، أو فقدان مؤقت للذاكرة والغياب عن الوعي وغيرها من الأعراض الجسدية، ومثال ذلك شعور المريض بالكراهية تجاه شخص معين ولكن عقله الواعي يضبط هذا الشعور ويتحكم به ليجعله يتقبل هذا الشخص ويتقبل التعامل معه ولو بشكلٍ مؤقت، فيتلقى اللاواعي هذا السلوك ويحتفظ به بصورته الأصلية الممتلئة بالكراهية ويُخرجه على هيئة انفعال جسدي، مثل أن يُصاب المريض بالقيء حالما مصادفته لهذا الشخص.[٨] الاكتئاب يظهر الاكتئاب عادة عند الأشخاص الذين يُظهرون استجابات نفسيّة غير تكيفيّة، وميّالة للاكتئاب في حال تعرضها للخبرات غير المرغوب فيها، وهي تعاني أيضاً من القصور في النضج الانفعالي، وتغيّر المزاج بشكل سريع يتبع الظروف البيئيّة المحيطة، إذاً فالاكتئاب هو الإحساس الدائم بالحزن والتعاسة وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة، والشعور المستمر بالإحباط وفُقدان الأمل، بالإضافة إلى المحاولة للوصول للسعادة والفشل في ذلك، وبالتالي ارتفاع شدة الإحباط والجزع لديه، كما أنّ الفرد الذي يعاني من هذا المرض تظهر عليه حالات من اختلال النوم والطعام، والخمول والثقل في حركة الجسم، والخوف والرعب الداخليّ، بالإضافة إلى عدم القدرة على التركيز والتردد المستمر وعدم الإقدام على اتخاذ القرارات، وأحياناً يصل إلى تمني الموت، وانتهاء حياته التي يعتقد أن لا جدوى منها، إذا فالاكتئاب يحدث نتيجة للضغوط التي يتعرض لها الفرد ويتفاعل معها بشكل سلبيّ، والوصول به إلى حاله من الاكتئاب.

المراجع ↑ حامد زهران (2005)، الصحة النفسية والعلاج النفسي (الطبعة الرابعة)، مصر- القاهرة: عالم الكتب، صفحة 99. ↑ منظمة الصحة العالمية، المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض- تصنيف الاضطرابات النفسية والسلوكية، صفحة 5. ↑ إسماعيل أحمد، الاتجاه نحو المرض النفسيّ في البيئة الفلسطينيّة وعلاقته ببعض المتغيرات الأخرى ، صفحة 40-41. ↑ “تصنيف الأمراض النفسية والعقلية”، جمعية ستيفيس للصحة النفسية، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2017. ↑ د.عادل صادق، الطب النفسي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، صفحة 31-100. ↑ عادل صادق، الطب النفسي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، صفحة 44-31. ↑ عادل صادق، الطب النفسي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، صفحة 57-45. ↑ عادل صادق، الطب النفسي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، صفحة 92-71. ↑ عادل صادق، الطب النفسي، الدار السعودية للنشر والتوزيع، صفحة 115-93.

إغلاق