الصحة والجمال
فقدان الذاكرة.. أضرار في مناطق حيوية من الدماغ
يشير فقدان الذاكرة إلى فقدان الذكريات، مثل الحقائق والمعلومات والخبرات. وعلى الرغم من أن نسيان هُويتك هو حبكة درامية شائعة في الأفلام والتلفزيون، فإن هذا ليس هو الحال عموماً في فقدان الذاكرة على أرض الواقع.
وبدلاً من ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون فقدان الذاكرة، وتسمى أيضاً متلازمة فقد الذاكرة، عادةً ما يعرفون مَن هم، ولكن قد تكون لديهم صعوبة في تعلم معلومات جديدة وتكوين ذكريات جديدة.
ويمكن أن يحدث فقدان الذاكرة بسبب الأضرار التي تلحق بمناطق من الدماغ التي تعتبر حيوية لمعالجة الذاكرة. وعلى عكس النوبات المؤقتة من فقدان الذاكرة (فَقْد الذَّاكِرَة الشَّامِل العَابِر)، يمكن أن يكون فقدان الذاكرة دائماً.
ولا يوجد علاج محدد لفقدان الذاكرة، ولكن يمكن لأساليب تقوية الذاكرة والدعم النفسي أن تساعد الأشخاص الذين يعانون فقدان الذاكرة، وأسرهم على التعايش.
الأعراض:
أشهر علامتين لفقدان الذاكرة هما:
صعوبة تذكر المعلومات الجديدة التي حدثت بعد بدء فقدان الذاكرة (فقدان الذاكرة الحاضرة).
صعوبة تذكر الأحداث السابقة والمعلومات البديهية أو المألوفة (فقدان الذاكرة الماضية/الرجوعي).
ويواجه معظم المصابين بفقدان الذاكرة مشاكل مع ذاكرتهم قصيرة المدى، لا يستطيعون تذكر المعلومات الجديدة. غالباً ما تتعرض الذكريات الحديثة لخطر الفقدان، بينما تنجو الذكريات الأقدم أو الأعمق منه، فيتمكن البعض من استرجاع بعضٍ من ذكريات الطفولة أو أسماء الرؤساء السابقين، في حين يعجزون عن تذكر اسم الرئيس الحالي، أو الشهر الحالي، أو ما تناولوه على الإفطار.
ولا يؤثر فقدان الذاكرة وحده على ذكاء الشخص، أو معرفته العامة، أو درجة وعيه، أو شدة انتباهه، أو حكمه على الأمور، أو شخصيته وهويته، حيث يستطيع الأشخاص المصابون بفقدان الذاكرة فهم الكلمات المكتوبة والموجهة إليهم وتعلم مهاراتٍ كقيادة الدراجة وعزف البيانو، وقد يستوعب بعضهم حقيقة إصابته بخللٍ في الذاكرة.
وهناك فرقٌ كبيرٌ بين فقدان الذاكرة والاضطراب العقلي، فالاضطراب العقلي ينطوي على فقدان الذاكرة، إلا أنه يصاحبه عددٌ من المشاكل الإدراكية الأخرى التي تؤدي إلى عجزٍ عن إتمام المهام اليومية.
يعتبر تكرار النسيان من أشهر أعراض الاختلال المعرفي المعتدل (MCI)، إلا أن فقدان الذاكرة وغيره من المشاكل الإدراكية لا يكون بشدة تلك التي نراها في حالات الاضطراب العقلي.
العلامات والأعراض الإضافية:
وقد تشمل العلامات والأعراض ما يلي حسب مسبب فقدان الذاكرة:
ذكرياتٌ خطأ (هذيان)، إما أن تكون الذكريات من ضرب الخيال كلياً وإما أن تكون مبنيةً على ذكرياتٍ أخرى من أوقاتٍ سابقة.
زيارة الطبيب
يحتاج أي شخصٍ أصيب بفقدان ذاكرةٍ غير مفهوم، أو إصابةٍ في الرأس، أو ارتباكٍ ذهني رعايةً طبيةً سريعة.
قد يكون فاقد الذاكرة غير قادرٍ على التعرف على مكانه أو هويته الشخصية أو لا يملك الإدراك الكافي لطلب المساعدة الطبية. إذا أصيب شخصٌ تعرفه بفقدان الذاكرة، فساعده على الحصول على المساعدة الطبية.
الأسباب:
تعتمد وظيفة الذاكرة الطبيعية على عدة أجزاء من الدماغ. يمكن أن يتداخل أي مرض أو إصابة تؤثر على الدماغ مع الذاكرة.
ويمكن أن ينتج فقدان الذاكرة عن تلف بأبنية الدماغ التي تشكل الجهاز الحوفي، الذي يتحكم في الانفعالات والذكريات. تتضمن هذه البنى المهاد، الذي يقع بمكان عميق داخل مركز الدماغ، وتشكيلات الحصينية، التي تقع داخل الفصين الصدغيين بالدماغ.
يُعرف فقدان الذاكرة الناجم عن إصابة أو تلف يلحق بالدماغ بفقدان الذاكرة العصبي. تتضمن الأسباب المحتملة لفقدان الذاكرة العصبي:
السكتة الدماغية
التهاب الدماغ، نتيجة لعدوى فيروسية مثل فيروس الهربس البسيط، أو كرد فعل مناعي ذاتي لسرطان في مكان آخر في الجسم (التهاب الدماغ الحوفي ذو الأباعد الورمية)، أو كرد فعل مناعي ذاتي مع عدم الإصابة بالسرطان.
نقص الأكسجين الكافي في الدماغ، على سبيل المثال: إثر نوبة قلبية، أو ضائقة تنفسية، أو التسمم بأول أكسيد الكربون.
معاقرة الكحول مدة طويلة، ما يؤدي إلى نقص الثيامين (فيتامين B-1) (متلازمة فرنيكيه كورساكوف).
أورام في مناطق بالدماغ تتحكم بالذاكرة.
أمراض الدماغ التنكسية، مثل مرض الزهايمر وأشكال أخرى للخرف.
النوبات
بعض الأدوية، مثل البنزوديازيبينات وأدوية أخرى تعمل كمهدئات.
يمكن أن تؤدي إصابات الرأس التي تسبب ارتجاجاً، سواءً أكان ناتجاً عن حادث سيارة أو لعب الرياضة، إلى الارتباك ومشاكل في تذكر المعلومات الجديدة. يشيع هذا الأمر بصفة خاصة في المراحل المبكرة من التعافي. عادة لا تسبب إصابات الرأس الخفيفة فقدان ذاكرة دائماً، ولكن قد تتسبب فيه إصابات أكثر شدة بالرأس.
ويرجع نوع آخر نادر من فقدان الذاكرة، يسمى فقدان الذاكرة التفارقي (نفسي المنشأ)، إلى صدمة انفعالية أو رضح، مثل أن يقع الشخص ضحية لجريمة عنف. في هذا الاضطراب، قد يفقد الفرد الذكريات الشخصية ومعلومات السيرة الذاتية، ولكن عادة ما يستمر ذلك مدة قصيرة فقط.
السكتة الدماغية والنوبات وإصابات الدماغ أبرز عوامل الخطورة
قد تتزايد فرصة الإصابة بفقد الذاكرة إذا عانيت ما يلي:
جراحة بالدماغ أو إصابة أو رضح بالرأس.
السكتة الدماغية.
سوء استخدام الكحول.
النوبات.
المضاعفات:
يختلف فقدان الذاكرة من حيث شدته ونطاقه، ولكن حتى فقدان الذاكرة الخفيف يؤثر سلباً على الأنشطة اليومية ونوعية الحياة. يمكن للمتلازمة أن تسبب مشاكل في العمل، وفي المدرسة وفي المواقف الاجتماعية.
قد لا يكون من الممكن استعادة الذكريات المفقودة. يحتاج بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل بالغة في الذاكرة إلى العيش في بيئة خاضعة للإشراف أو في أحد مرافق الرعاية الممتدة.
الوقاية:
نظراً لأن تلف الدماغ يمكن أن يكون سبباً جذرياً في فقدان الذاكرة، فمن المهم أن تأخذ الخطوات لتقليل فرصة إصابة دماغك. على سبيل المثال:
تجنب الاستخدام المفرط للكحوليات.
ارتدِ خوذة عند ركوب الدراجة وحزام الأمان عند القيادة.
عالج أي عدوى سريعاً حتى لا تكون هناك فرصة لانتشارها في الدماغ.
احصل على العلاج الطبي الفوري إذا كنت تعاني أي أعراض تشير إلى إصابتك بسكتة دماغية، أو بتمدد الأوعية الدموية الدماغي، مثل الصداع الشديد، أو الإحساس بالخدر، أو الشلل من جانب واحد.
التشخيص:
لتشخيص فقدان الذاكرة، سيجري الطبيب تقييماً شاملاً لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لفقدان الذاكرة، مثل مرض الزهايمر، وأشكال أخرى من الخرف أو الاكتئاب أو ورم في المخ.
التاريخ الطبي:
يبدأ التقييم بالتاريخ الطبي التفصيلي، لأن فاقد الذاكرة قد لا يتمكن من تقديم معلومات دقيقة، ويشارك أحد الأقارب أو صديق أو مقدم رعاية آخر عموماً في المقابلة أيضاً.
فحص جسدي
قد يتضمن الفحص البدني فحصاً عصبياً للتحقق من ردود الأفعال، والوظيفة الحسية، والتوازن، وغير ذلك من النواحي الفسيولوجية للمخ والجهاز العصبي.
اختبارات معرفية
سيفحص الطبيب تفكير الشخص، وآراءه، وذاكرته الحديثة على المدى الطويل، كما أنه سيتحقق من معرفة الشخص بالمعلومات العامة.
الاختبارات التشخيصية
قد يطلب الطبيب ما يلي:
اختبارات التصوير الطبي، بما في ذلك التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، للتحقق من وجود تلف أو اضطرابات المخ.
فحص الدم للتحقق من وجود عدوى أو نقص تغذية أو مشكلات أخرى. تخطيط كهربائي للدماغ للتحقق من وجود نشاط النوبات.
العلاج
يركز علاج فقدان الذاكرة على أساليب واستراتيجيات للمساعدة في تصحيح مشكلة الذاكرة، ومعالجة أي أمراض أساسية تؤدي إلى الإصابة بفقدان الذاكرة.
العلاج الوظيفي
قد يتعاون الشخص المصاب بفقدان الذاكرة مع اختصاصي العلاج المهني كي يتعلّم معلوماتٍ جديدةً لاستبدال ما تم فقده، أو لاستخدام الذاكرة السليمة بمثابة أساسٍ لاكتساب معلوماتٍ جديدة.